ماذا بعد ادري؟
مصعب محمد علي
بينما تدور رحى الحرب على الأرض، تبدو المشاورات الدولية في جنيف وكأنها مجرد أصداء بعيدة، لا تصل إلى عمق الأزمة.
وفي بيانٍ غاضب، نددت وزارة الخارجية السودانية باستهداف قوات الدعم السريع للأحياء المدنية، بالتزامن مع انعقاد جلسات السلام، واعتبرت ذلك برهانًا على أن تلك الاجتماعات، برعاية الولايات المتحدة ودول أخرى، لن تأتي بثمارٍ تروي عطش السلام.
على مدى ثلاثة أيام متواصلة، أطلقت قوات الدعم السريع نيران المدفعية الثقيلة على مدن أم درمان، والأبيض، والفاشر، وسنار، محولةً إياها إلى ساحات حرب مروعة، حيث سقط الضحايا من المدنيين، وتهاوت المستشفيات والمنشآت الحيوية.
وتساءلت الخارجية السودانية: كيف لتلك الجرائم أن تُنسي المجتمع الدولي عبثية تلك المحادثات، التي باتت كصرخة في وادٍ لا يسمعها إلا الصدى؟
أما كاميرون هدسون، الباحث في الشؤون الأفريقية، فقد وصف قرار الجيش بعدم المشاركة في المفاوضات بأنه غير نهائي، مؤكدًا أن الميدان قد يعيد تشكيل موقف الجيش، الذي يصر على تنفيذ الاتفاقيات السابقة كبذرة لأي حوار قادم. هدسون لفت النظر إلى أن الجيش يرى نفسه كسلطة دستورية يجب على المجتمع الدولي أن يتعامل معها بجدية، وهو ما لم يحدث بعد.
ورغم أن المسار التفاوضي يبدو متعثّرًا، إلا أن بصيصًا من الأمل لاح في الأفق مع فتح معبر “أدري” الحدودي، مما قد يخفف من وطأة الأزمة الإنسانية، وإن كان هدسون يرى أن استمرار تلك الأزمة مرهون بقدرة المجتمع الدولي على كبح الدعم العسكري الخارجي لطرفي النزاع.
وفي مشهدٍ يزيد من تعقيد الصورة، أعلنت قوات الدعم السريع في بيان رسمي أنها هي من تسيطر على معبر “أدري” منذ بداية النزاع، وأنها ستكون المسؤولة عن إيصال المساعدات الإنسانية، لتظل المسؤولية في أعناقها إذا لم تصل تلك المساعدات إلى مستحقيها.