آخِــرُ أُنْـــــثَـــى بِــلَّـــوْرِيّـــــــــةٍ
تَتَـضَـــوَّعُ كَـلِـمَـاتٍ طَـــيِّـــبَةً
ـ الشّاعرة ( سُلَيْمَى السّرايري ) –
ضيْفـــــة نـــادي الشّعــــر
( اتّـــحــاد الكـــتّـــــاب التّـونــســيّــيــن )
كتب : الشاعر الدكتور عبد العزيز الحاجي
اِستضاف نادي الشّعر (اتّحاد الكتّاب التّونسيّين) يوم الجمعة المنقضي (14 جوان 2019)،
في أمسيته الرّابعة وَ الثّلاثين هذا الموسم، الشّاعرة (سُليْمى السّرايري)، وَ ذلك لِمُحاورتها حول مجموعتها الشّعريّة (صمتٌ … كصلواتٍ مفقودة) التي صدرت أواخر سنة 2017 باللّسانيْن العربيّ وَ الفرنسيّ في تقديميْن للتّونسيّ الأديب (مراد ساسي)، والسّوريّ الأديب
( صادق حمزة منذر).
وبعد أن افتتح الفنّان الأستاذ (عمر بوثوري) الأمسية بمعزوفة موسيقيّة، تولّت الأديبة الأستاذة (فتحيّة بروري) مشكورةً تقديم هذه المجموعة الشّعريّة الثّانية لضيفتنا الشّاعرة،
( سليمى السّرايري ) فأشارت إلى أنّ كتاب (صمْتٌ … كصلوات مفقودة) سبقتْه مجموعة الشّاعرة البكر (أصابع في كفّ الشّمس) الصّادرة سنة 2009 2010/
وَ أنّ (سُليمى السّرا يري) مُبدعةٌ مُتعدّدة الاهتمامات بين فنّ تشكيليّ وَ مسرح وَ نشاط ثقافيّ جمعيّاتيّ و إذاعيّ … أمّا وَ قد تخلّصت الأستاذة (بروري) إلى تقديم الكتاب المُحتفى به
(صمتٌ … كصلوات مفقودة) فقد توقّفت عند العنوان وَ احتفاء الشّاعرة فيه بِموْضوعة الصّمت في علاقتها بهيْمنة اللّون الأسود على الغلاف لتستنتج، مستضيئة بما سبق، أن أوضحته الشاعرة في مناسبات سابقة، أنّ هذه القتامة لا ينهض بياضُ الصّمت إلّا ليعزّزها في دلالات العنوان وَ في مناخات المدوّنة ككلّ، فالجزء الأوّل من الدّيوان، وَ الذي عنوانه،
( أبواب أعياها القِدَمُ ) يخترقه إحساس الأنا الشّاعرة بالخوف من محيطها الاجتماعيّ وَالإنسانيّ الذي تحكمه شروط لا إنسانيّة مجحفة ممّا جعل (السّرايري) تتوسّل بالأسطورة وَبمجاز تخييليّ غنيّ سعيا منها إلى السّيطرة عليه وَ الإمساك به وَ التّحرّر من سجنه…
وَقد كانت قصيدة (حيْرة ريلكة) هي النّموذج الذي استدلّت به النّاقدة الأستاذة (بروري) على هذه المناخات القاتمة في هذا القسم الأوّل من مجموعة ضيفتنا الشّعريّة…
أمّا الجزء الثّاني منها، وَ الذي ورد تحت عنوان (فواكه العشق)، فقد جاء نقيضا لسالفه، إذ انفتح على الأمل وَ حكمتْه نزعة تفاؤليّة مرتبطة بتقريظ الشّاعرة لقيمة الحبّ في حياتها الشّخصيّة وَ في تجارب الآخرين…
إثر هذه المُداخلة المُستفيضة، وَ التي تخلّلتْها قراءات من الدّيوان المُحتفَى به بصوْت صاحبته الشّاعرة (سُليْمى السّرايري) فاجأ الفنّانُ الأستاذ (عمر بوثوري) صديقته الشّاعرة الضّيفة بأدائه أغنية هي من تلحينه سبق أنْ كتبتْ كلماتها (السّرايري) في اللّهجة المحكيّة التّونسيّة تحت عنوان (نْخَافْ نْحِبِّكْ) ، فكان ذلك مبعث سعادة للمُحتفى بها، كما كان مناسبة اكتشف فيها الحاضرون مَلَكةً أخرى من ملكات الإبداع عندها …
إثر ذلك أُحيلتِ الكلمة إلى الحاضرين ليتفاعلوا مع ما استمعوا إليه من قراءات الشّاعرة الضّيفة، وَ ما خاضت فيه النّاقدة المُقدّمة لها من آراء وَأحكام نقديّة، فجاءت تدخّلاتهم مُجمعة على جدارة الشّاعرة (سُليمى السّرايري) بهذه الأمسية وَ بكلّ احتفاء وَتكريم، فهيَ وُلدتْ شاعرة واعدة منذ مجموعتها البكر، كما قال الشّاعران (محمّد الطّاهر السّعيدي)
وَ( عبد الرّزّاق بالوصيف ).
أمّا الشّاعر (بوراوي بعرون) فقد نوّه باستفادة شعر ضيفتنا من موهبتها الثّانية في الرّسم ممّا يُذكّر بالقول المأثور نقديّا منذ الإغريق : (الرّسم شعر صامتٌ، وَالشّعر رسمٌ ناطق).
كما ثمّن الشّاعر (بعرون) قُدرة ضيفتنا على تصريف الكلام الشّعريّ وَ التَحكّم فيه داخل النّمط الكتابيّ الذي اختارته في مجموعتها الثّانية هذه، وَ يعني بذلك (قصيدة النّثر) …
وَلمْ تشذّ بقيّة التّدخّلات عن هذا المَنحى في الإشادة بشعريّة نصوص :
(صمتٌ … كصلوات مفقودة)، فالشّاعر (المختار الزّاراتي) لفتتْه لُعبة الرّموز وَالأقنعة التي أتقنتْها شاعرتنا باقتدار، في حين أُعجبت الأديبة الأستاذة (ريم العيساوي) بإجراء ضيفتنا للصّور الشّعريّة الخارقة التي حقّقت الإمتاع وَ الإدهاش…
وَقد جاءت القراءات التي اختارتْها الشّاعرة (سُليْمى السّرايري) من جديدها المُتمثّل في ومضات شعريّة مُكثّفة مؤكّدة لِما اتّفق عليه الجميع في خصوص شاعريّة ضيفتنا المُقنعة ممّا يُؤكّد أنّ الشّعر التّونسيّ يظلّ بخير مادام الشّاعرات وَ الشّعراء يصلون في مُختبرهم الإبداعيّ بين الموهبة وَالعمل الدّؤوب على تغذية هذه الموهبة وَ تطويرها بالتّثقيف الذّاتي كما تفعل الشّاعرة (سُليْمى السّرايري) وَ آخرون .