علي بن حسين الزهراني السعلي: بعض المثقّفين يعيشون في أبراجهم العاجية!
حاورتْهُ l هالة نهرا*
علي بن حسين الزهراني السعلي الكاتبُ، والروائيُّ السعوديُّ، والأديبُ، والعضو بهيئةِ الصحفيين السعوديين يُحدّثنا في الحوار هذا عن روايته، وواقع الرواية السعودية وآفاقها، والفجوة بين المثقّف والمبدع من جهةٍ، وبين الجمهور من جهةٍ أخرى، وتطلّعاته وأحلامه. حاورتْهُ هالة نهرا.
1- أنت كاتب وروائي سعودي وروايتك “حكاية كيد” (من إصدارات “نادي الإحساء الأدبي”- 2022) قُدّمت على أنها عملٌ سرديٌّ إبداعيّ. من وجهة نظرك كمؤلّف ما الذي يميّز روايتك؟
* سؤالٌ جميلٌ وبصراحةٍ في الوقت عينه محرجٌ لأنّني مَنْ كتَبها! ومع ذلك فالسؤالُ قد أعجبني والإجابةُ على صعيد ما يميّز رواية “حكاية كيد” تحتاج إلى تفاصيل أذكرها ههنا: أولاً، العنوان، وتوجّهها إلى كيد النساء، وأظنّ أنني أوّل سعودي يتطرّقُ عميقاً على مستوى سبْر غوْرِ كيد النساء فالروايةُ من أوّلها إلى نهايتها تتحدّث عن النساء كيداً. ثانياً، صحيحٌ أنّ بطلَها واحدٌ وهو هوس لكن بطلاتها نساء مشاركةً وسرداً. ثالثاً، تفاصيل التفاصيل داخل الرواية من حيث الزمان والأمكنة بمسمّياتها. رابعاً، لعلّ من أهمّ ما يميّزها أنها تتحدّث عن الريف الجنوبيّ بحكاياه الشعبية.
2– كيف تنظر إلى واقع الرواية السعودية في يومنا هذا وكيف تقيّم تطوّرها التاريخي؟
* واقع الرواية السعودية الآن جميلٌ ومتواصلٌ في عددِ الروايات كلّ سنة، ومن الصعب حصرها، وهي تقترب قليلاً وفي الوقت عينه تبتعد عن عمق المجتمع السعوديّ؛ فالرواية من وجهةِ نظري هي ديوانُ العرب، زاحمت الشعر وأسقطته بالروايات الصادرة والحاسمة فالتطوّرُ واضحٌ لكن الأكثر منها للأسف كمّاً لا كيْفاً؛ صحيحٌ أنّ استهلالها قرائياً مهمٌّ ومهمّ جداً لكن يبقى أنها لم تدخل في واقع المجتمع السعوديّ. نحتاج كما قال د. حسن النعمي إلى رواياتٍ تكشف التطوّر الذي تشهده السعودية في ظلّ رؤية سموّ وليّ العهد الأمير محمد بن سلمان الناضجة والناجحة من خلال خطة التحوّل الوطني 2030… كل هذه التحوّلات لا بدّ لكتّاب الرواية من بلورتها في كتاباتهم ليقرأ العالم من خلال فنّ الرواية التطوّر الرهيب والمتسارع للسعودية الآن ثقافياً، واقتصادياً، واجتماعياً، وسياسياً.
3- تحدّثتَ في وسائل التواصل الاجتماعي عن ضرورة نزول المثقّف والمبدع من برجهما العاجيّ ليخاطبا الناس وَلَوْ بين حينٍ وآخر. هل تشعر بأنّ ثمّة فجوة بين المثقف أو المبدع والجمهور؟ هل تتحدّث عن حالاتٍ فردية أم أنها ظاهرة عامّة؟ كيف يمكن ردم هذه المسافة وهذا الجدار برأيك بما يخدم الثقافة والإبداع والناس والمجتمع؟
* كانت ولم تزل تلك الفجوة في بدايتها ونهايتها، من المثقّف الذي يريد إيصال إبداعه للجمهور/ المتلقّي؛ نعم هناك عددٌ من المثقّفين الذين يعيشون في أبراجهم العاجية ويرون بحسب نظرتهم القاصرة أنّ قرّاءَهُم ملزمون بتبجيلهم وهنا تبدأ الفجوة بينه وبينهم. أرى كما يقول بارت إنّ النصَّ ملكٌ لقرّائه بمعنى نظرية “موت المؤلّف” فلا بدّ للمثقّف والمبدع أن يتحاورا مع الناس، أن يسمعا منهم، أن يتجاذبا أطراف الحديث مع الناس، أن يشعرا بآلامهم، أن يرقصا في أفراحهم، هكذا يستطيعان أن يكتبا من واقعهم حيث يعيشان أصلاً. نحن يا سيّدتي في مشكلةٍ: أن يصبح المثقّفُ توأم المشاهير الحمقى!
4– ما هي نصائحك التقنية في الكتابة للروائيين الجُدُد؟
*هي نصائح تتعلّقُ بالكتاب كما قال المتنبّي وخير جليسٍ في الزمان كتاب؛ القراءة ثمّ القراءة، أولاً وعاشراً، وكتابةً… أمّا التقنية الآن، فالسوشال ميديا مهمّةٌ للروائيّ فمنها يستقي إبداعه، ما يجري حولنا في مجتمعنا والعالم “بضغطة زرٍّ” بأناملنا نكشف واقعه وهو مادّةٌ جيّدة تتبلور في ذاكرة الشعوب ومنها ينطلقُ الروائيُّ الجديد.
5- هل هناك آفاق سينمائية للرواية السعودية راهناً أو في المستقبل القريب؟
* كما أعرف، لا توجد سوى رواية ضرب الرمل؛ “ثلاثية ضرب الرمل” للروائي محمد المزيني وأظن أنها حين تحوّلت إلى مسلسلٍ لم تلقَ ذلك النجاح مثلما حين كانت بين دفتيّ الرواية، ونحن موعودون من خلال هيئة الأفلام بإنتاج هذه الروايات ولكنها تحتاج إلى سيناريو يوازي جمال المكتوب بإذن الله.
6- كيف تنظر إلى واقع المملكة الثقافي في العام 2023؟
* وزير الثقافة السعودي الأمير بدر بن فرحان شاب طموح وهو ملهِمٌ للكثير من المثقّفين ومحبوبٌ من المبدعين فهيئات الثقافة من خلال هيئات المسرح والفنون الأدائة والأفلام والطبخ والأزياء، والفنون البصرية والمعمارية والتصاميم، وهيئة التراث والمتاحف… كلٌّ يؤدّي دوْرَه ونأمل المزيد وأن تسير الأمور بخطى ثابتة بحسب الرؤية وهناك مشروع الشريك الأدبيّ في كل مناطق المملكة فنظرتي طموحة ولا حدّ لها لثقافتنا السعودية.
7- ما هي أحلامك في الميدان الثقافي والإبداعي؟
* أن أقدّم برنامجاً ثقافياً بعنوان راويتي الصحافية عينه وعمودي المقاليّ بالجزيرة الثقافية “ملامح وممالح” وأولى حلقاته يكون ضيوفي عبد الله الغذامي وسعد البازعي، وأن أكونَ رئيس تحريرٍ لإحدى الصحف السعودية والعربية وسيكون ذلك بإذن الله، وأن أنجز روايتي الثانية (المنتحرون على أبواب القصر)، إضافةً إلى كتابٍ إعلاميّ بعنوان “ملامح وممالح”.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*هالة نهرا: كاتبة وشاعرة لبنانية