الضحايا
للشاعرة الأميركية المعاصرة شارون أولدز ، ترجمة نزار سرطاوي
حين طلّقتكَ أمّنا شعرنا بالفرح. لكم كابدَت
وكابدت بصمت كل تلك السنين، ثمّ
على حين غرّة ركلتك خارجًا، ولكم
أسعد ذلك أطفالَها. ثم طُردتَ، وابتسمنا
في أعماقنا، كما ابتسم الناس حين
أقلعت مروحية نيكسون من الساحة
الجنوبية للبيت الأبيض للمرة الأخيرة. لقد دغدغتْنا
مشاعرُ البهجة ونحن نتخيلك وقد خسرتَ وظيفتَك،
سُحبتْ منك سكرتيراتك،
وجباتُ غدائك ومعها كاساتُ البوربون الثلاثُ المزدوجة،
كلُّ ما لديك من أقلام الرصاص ورزمات الورق. هل سيستردون
أيضًا بدْلاتِك، تلك الجثثَ
القاتمةَ المعلقةَ في خزانة ملابسك، وأنوفَ
أحذيتك السوداءِ بثقوبها الواسعة؟
لقد علمَتْنا أن نصبر، أن نكرهَك ونصبر
إلى أن انتصبنا واقفين معها من أجل
القضاء عليك يا أبي، أنا الآن
أمرُّ بالمتشردين في المداخل، وبزّاقات
أجسادِهم البيضاءُ تلمع من خلال الشقوق
في ملابسهم من الطينِ المضغوطِ، وزعانفُ
أيديهم الملطّخةُ، والنارُ القابعة
تحت الماء في عيونهم، كأنما هي سفنٌ قد غرقت
وفوانيسُها لم تزل مضاءة، وأتساءل من الذي راح يسحبها
ويسحبها منهم في صمت إلى أن
تخلّوا عنها بأجمعها ولم يتبقّ لهم
اي شيْ سوى هذه.
————————
The Victims
Sharon Olds
When Mother divorced you, we were glad. She took it and
took it, in silence, all those years and then
kicked you out, suddenly, and her
kids loved it. Then you were fired, and we
grinned inside, the way people grinned when
Nixon’s helicopter lifted off the South
Lawn for the last time. We were tickled
to think of your office taken away,
your secretaries taken away,
your lunches with three double bourbons,
your pencils, your reams of paper. Would they take your
suits back, too, those dark
carcasses hung in your closet, and the black
noses of your shoes with the large pores?
She had taught us to take it, to hate you and take it
until we pricked at your
annihilation, Father. Now I
pass bums in doorways, the white
slugs of their bodies gleaming through slits in their
suits of compressed silt, the stained
flippers of their hands, the underwater
fire of their eyes, ships gone down with the
lanterns lit, and I wonder who took it and
took it from then in silence until they had
given it all away and had nothing
left but this.
——————————-
شارون أولدز شاعرة أميركية معاصرة ولدت في مدينة سان فرانسيسكو بولاية كليفورنيا في عام 1942. إلا أن عائلاتها انتقلت إلى مدينة بيركلي في الولاية نفسها. كان والدها مدمنًا على الحول، وكثيرًا ما كان يعامل أطفاله بقسوه، لكن أمها لم تكن تجرؤ على مواجهته. بعد أن أنهت دراستها الثانوية، التحقت أولدز بجامعة ستانفورد، حيث حصلت على شهادة البكالويوس.
في عام 1968 تزوجت من الطبيب النفساني ديفد دوغلاس أولدز، وأنجبت منه طفلين. وفي الجانب الأكاديمي تابعت دراستها في جامعة كولومبيا، حيث حصلت على درجة الدكتوراة في عام 1972. بدأت كتابة الشعر بعد حصولها على الدكتوراه. أما حياتها الزوجية فقد استمرت حتى عام 1997، حيث انفصلت عن زوجها بالطلاق، بعد زواج دام نحو 29 عامًا.
فازت أولدز بالعديد من الجوائر منها أول جائزة يمنحها مركز الشعر لمدينة سان فرانسيسكو لعام 1980، وجائزة دائرة نُقّاد الكتاب الوطني عام 1984، وجائزة ت.س. إليوت للشعر لعام 2012، وذلك عن مجموعتها الشعرية “وثبة الظبي” . وهي أول امرأة تفوز بهذه الجائزة المرموقة، التي تُمنح كل عام لديوان شعري شريطة أن تصدر طبعته الأولى في بريطانيا أو إيرلندا. ويشتمل ديوان “وثبة الظبي” على سلسة من القصائد تصف مشاعر الحزن العميق الذي يرافق الطلاق، ورحلة العودة البطيئة المؤلمة بعده إلى الحياة الطبيعية. وفي عام 2013 فازت بجائزة بوليتزر. كما فازت في عام 2016 بجائزة والاس ستيفنز.
صدرت مجموعتها الشعرية الأولى يقول الشيطان في عام 1980، وقد نالت هذه المجموعة جائزة مركز الشعر في فرانسيسكو. أما مجموعتها الثانية الأموات والأحياء (1983) فقد حازت على جائزة دائرة نُقّاد الكتاب الوطني وجائزة لامونت للشعر. وقد صدر لها بعد هاتين المجوعتين حوالي 13 مجموعة، من بينها “الخلية الذهبية” (1987)، “الأب” (1992)، “الدم” (1999)، “شيء سري” (2008)، قصائد (2016). وقد نشرت قصائدها في عدد من المجلات الأدبية الأنثولوجيات الشعرية.
يذكر أن أولدز رفضت في عام 2005 دعوة تلقتها من السيدة الأولى للبيت الأبيض لورا بوش لحضور مهرجان الكتاب الوطني في العاصمة واشنطن. وقد ردت على الدعوة برسالة مفتوحة نشرتها مجلة ذي نيشن في عددها الصادر في 10 تشرين الأول / أكتوبر عام 2005. وقد جاء في نهاية الرسالة:
“إن الكثير من الأميركيين الذين كانوا يشعرون بالفخر ببلادهم قد أصبحوا الآن يحسون والألم والخزي بسبب النظام القائم – نظام الدماء والجراح والنار. لقد تصورتُ المفارش النظيفة لطاولاتك والسكاكين اللامعة ولهب الشموع، ولم أستطيع أن استسيغ ذلك.”
تعمل أولدز في تدريس الكتابة الإبداعية في جامعة نيويورك.
قصيدة رائعة تعالج مشكلة الاب المدمن الذي يلحق الأذى لأسرته، ومشاعر الأطفال بعد خروجه من حياتهم