الوعي القوي مثل البذرة يزرع، ثم يسقى باستمرار، ويرعى دون كلل. ومع مرور الوقت ينمو ويكبر ويشتد عوده ويمكن أن يعول عليه في الشدائد. الوعي الحقيقي يصنع ولا يعطى، الوعي الحقيقي تصنعه الأزمات والأحزان والحروب، لا يصنعه فرح مصطنع ولا سعادة زائفة ولا قلوب ميتة، ولا عقول مخدرة، الو
عي الحقيقي ليس مثل اللغات التي يمكن أن تتعلمها في ستة أيام دون معلم. هو في حاجة إلى أكثر من معلم، والى أكثر من زمن، انه يكره اللحظة، لأنه عاشق للحياة.
الوعي الضعيف هو وعي أيضا، لكنه وعي زائف، صنع من مساحيق التجميل الرخيصة داخل رحم التفاهة، صنع في عز الظلام، لكي لا يرى نفسه في المرآة، هو وعي اخرس لا يتقن إلا لغة العنف، وأعمى لا يرى بعين العقل، و أصم لا ينصت إلى صوت الحقيقة، هو وعي عاشق ابدي للمغايرة في أبشع صورها، ولأبواق الموضة المتوحشة. لكنه كاره أيضا، كاره للزمن الذي يكشف تجاعيده، وللالتزامات غير الملزمة له. انه وعي شوفيني ونرجسي يقتات من الأنا ومن الغير. انه وعي لا يعي وعيه فحسب، وإنما لا يعي أيضا الوعي الحقيقي للاغيار. انه وعي منتقم ولا مسؤول يخبىء في جبة لا وعيه كراهية الواجب.
الوعي الحقيقي لا يزهر في واجهات المتاجر مثل دمية باربي .
شكرا على الكتابة والنشر.