سوق الفن: رسامو الاستشراق بعيون الحاضر[1]
ترجمة: محمد فتيلينه
تقدّر الأعمال الفنية لكل من جاك ماجوريل، ونصر الدين إيتيان دينيه، ورودولف إرنست بين 100ألف يورو و200 ألف يورو.
بعد أن عرف “فن” الاستشراق مرحلة من المضاربة الحادة بين سنتي 2004 و2009، وفترة أخرى من الفراغ، وجد له رويدا رويدا هواة ذواقين أنعشوا سوقه بكثير من الاستحسان. في شهر ديسمبر من العام الماضي، تمّت بهذا الشأن عملية بيع في دار آركوريال، أين عرفت أعمال كل من دينيه وماجورال أسعارا غير مسبوقة. هذان الفنانان يعتبران من رواد الموجة الثانية للرسامين الإستشراقيين
تمثلت الموجة الأولى من الفنانين للقرن التاسع عشر، من خلال أولئك الذين ترسخت قدمهم مع الحملة الفرنسية على مصرالتي قادها نابليون، إذ صوّر هذا الجيل من الرسامين الشرق –من خلال مصر- في لوحات مليئة بالسحر والغرائبية المحفوران نمطيا في أذهانهم مسبقا دون حتى أن يتاح لهم استكشاف هذا الشرق عن قرب.
كليشيه (الصور النمطية)
مثلّت لوحاتهم عن الشرق الصورة النمطية التي ترسخت في الأذهان لعدة عقود، والمتمثلة في المجمل بـ: ساحات الحريم حينما يتوسطها أحد الباشوات وقد أحيط بنساء عاريات، أو صورُ لراعٍ وسط حملانه في منطقة الأطلس المغربي، أو راقصات يغرين الرّائي خلف خمورهن…
أما في الوقت الرّاهن لوحاتُ مثل هذه، جذبت هواة للفن أتوا في العادة من الشرق: “هذه في نهاية الأمر الزاوية الوحيدة التي يملكونها عن ماضيهم” هكذا لخص الخبير أوليفيه بيرمان، ليضيف: حتى وإن دمغت تلك اللوحات بدمغة المستعمر أو الأوربي. في تلك الحقبة لم يكن الشرق يملك رسامين بمستوى الغرب. وعلى أي حال، فإن صورة ذلك الراعي على سفوح جبال الأطلس هي في الحقيقة الأقرب إلى الواقع والحقيقة ولا تمثل بأي شكل نوعا من الإهانة.
بين نهاية القرن التاسع عشر والقرن العشرين، قدّم الرسامين الجدد شكلا مغايرا عن الشرق: استقر جاك ماجورال وهو الأكثر شهرة استقر بالمغرب/، إيتيان دينيه اعتنق الإسلام في العاصمة أين كان يسكن (كان دينيه محبا لبوسعادة وسكن فيها لفترة طويلة وهي المكان الذي استقر فيه فعلا)، لم يكونا رسامين بالمعنى الذي أتى به رواد الموجة الأولى، إذ كانت رؤيتهم الفنية حقيقية وخالية من وهم الشرق الغرائبي. في العصر نفسه، عُرف عن أدولف إرنست أيضا كونه رساما إستشراقيا اهتم بالصورة (بما توثقه وتسجله من واقعية) بشكل رئيسي خلال رحلاته بين سنتي 1880 و1890.
قصة الاستشراق لم تتوقف هنا. إذ ظهر تيار آخر عرف طريقه بعد سنوات الخمسينيات بشكل مختلف، يتعلق الأمر بالفن العربي المعاصر، تشكل من خلال فنانين سوريين ولبنانيين وجزائريين…تكوّن الكثير منهم ودرس بفرنسا، في الزمن الذي كانت فيه المستعمرات قائمة، ليعود البعض منهم إلى أوطانهم الأصلية، وواصل البعض الآخر غربتهم لمدة أطول
أسعار المنتجات الفنية ارتفعت بالتأكيد، ولكنها لن تعادل أسعار المجموعات العتيقة. أعمال ماجوريل ودينيه ورودولف إرنست تم تقديرهم ما بين 100 ألف إلى 200 ألف أورو، وأعمال من عاصرهم مثل إيدي لوغرون تقدر بـ 60 ألف إلى 80 أل أورو، أما فرانسوا-لويس شميد فقد توقّع لها ما بين 12 ألف إلى 15 ألف أورو. وبذلك فإن أعمال هؤلاء المعاصرين لا تضاهي في قيمتها افنية والمادية لنظرائهم المؤسسين للموجة الفنية الاستشراقية الثانية.
[1] نقلا عن جريدة لوموند عدد: LE MONDE | 07.03.2017
http://www.lemonde.fr/argent/article/2017/03/07/marche-de-l-art-les-orientalistes-au-gout-du-jour_5090375_1657007.html#mqPMhfwXmgr9EGYW.99