قيثارة
تصدير
عبّئ يَنَابِيع َالكلامِ كغيمة
ثم ارتفع وخذ القصيدة عاليا
ماكان ذنب الريح أنك غيمة
لاقت نسيما رام قلبا صاديا
أَرفقْ بــــــربّك هذا الوجدُ أعياني
وكـــــلُ شبر من الأوطانِ أشجاني
تجري السِّنون مسارَ الْماءِ في نهرٍ
والـــــــقلب يعشق مشتاقا و ينعاني
عابت شجون طويلا صمت أشرعتي
و الدمع ينحت صبرا ملء أجفاني
هل يسعف الدمع نفسا فارقت وطنا ؟!
صدى بعيد يجوب الكون ناداني
هـــــذي قناطر روما عانقت سفري
للقلب باحت ، وأوصتني بكتمان
ماجت بحلم تربى فــــي دواخلنا
شاخ الزّمان و كاد الــــحلم ينساني
و اليوم أرسو و شطر الحلم مِرساتي
أذوب شوقا و شعرٌ كل خلاّني
يروم قلبي صدى الأشواق معتكفا
كأنّيَ الروحُ بعد الرّوحِ تخشانــي
“يونان” نام بجوف الحوت مؤتنسا
يحيك ثوبا من الإلهام ربّاني
يعيد طقسا على الأسماع يطربها
كم يعشق الوجد صوتا كان يغشاني
مررت من ضفّة الأشواق ألتمس
مهدا تزيّن إشراقا بألوان
مددت لي كفّك السمراءَ أقرؤها
صافحتها و عليها رسمُ شطآني
مدٌّ و جزرٌ و أمواج تعاتبني
يا بحر مشتاقة ، والبعد ألهاني ؟
من كلّ فجّ عميق سار موكبنا
أصل عريق و فرع دون نقصان
قرطاج خوضي غمار الموج شامخة
ديدون لاحت، هدير الوجد أحياني
في كل شبر تجد أفنان رونقها
في جوفها التُّرْبِ كم دسّت يدُ الفاني
و إن قرأت سطورا من ملاحمها
نبض تجمهر في جمع و وحدان
لا شيء باق يد الأقدار ما ردة
طالت عروشا غشاها طبعنا الجاني
منذ القديم طقوس المجد نعرفها
“أكسِلْ” تمادى، و هلّت صِيدُ عربان
إني أغار من الأنسام تذرفها
ريح تهادت من الصحرا بخلجان
أدير في لجّها العينَ التي عشقت
لحن الحياة و عرجون الهوى الحاني
يا قِبلة الروح بي شوق لسمرتكِ
هل من وصال ترى أم تاه فرساني؟
“يممت حضنك والأشواق ” يلهبها
سمطا نخيل ونغم حَنَّ عيداني
لأرضنا المجد قول في شعائرنا
أصل قديم به ” الحدّاد ” أدراني
رغم الجروح ورغم الدّاء “شاعرنا”5
قال : الحياة صمود و الشقا فان
حيث التفتّ أرى الأمجاد ماثلة
شمّ الرجال فنوا أسرى لأوطان
مازالت الأرضُ صوتَ الروح ، ألهمها
لحنا تربّى على صدق و تحنان
بين الصّخور عدونا نحن أطفالا
و كم أشدنا قصورا فوق كثبان
كم نام أغلبنا و البطن خاوية
أمّا الشّبابَ نشقنا عطرها القاني
حتى إذا صارت الأشواق تؤرقنا
بنا و لذنا بأرض غير أوطان
يــــــــا حادي الشوق حضن الأرض موعدنا
حلم البلاد أرى في خطونا الداني
عدّ المآثر وسعَ الأرض ما احتملت
في العدّ أجر و عند الذّكر أجران