مسلسل “الهيبة” يحصل على تنويه شعبي
لستُ من هواة المسلسلات على الإطلاق، ولطالما فضّلتُ القراءة على مشاهدة التلفزيون… لكن يكفي أن تمر صدفةً وتشاهد مشهداً واحداً من مسلسل “الهيبة” (تأليف هوزان عكو وإخراج سامر البرقاوي) حتى تهتم بمعرفة السياق والأحداث اللاحقة، متشوقاً إلى الأخبار المتوالية والمستجدات – التي تتتابع وتتدفّق وتبين كما يتكشّف الجبل من وراء السحاب – هكذا تنقاد للمتابعة تلقائياً وتندفع في الأمر، علماً بأنها تحاكي واقعاً محلّياً لا يخفى على أحد، لسنا بصدد مناقشته ومعالجته هنا.
هناك عناصر تُرغِّب وتجذب إلى أبعد حدّ في “الهيبة”: بدءاً من الموضوع، وصولاً إلى العديد من الممثلين الذين يتّسم حضورهم بالسطوة، في مقدمتهم العظيمة منى واصف، وهي في غنى عن التعريف. أجزم بأنها ملكة إن في أدائها هذا أو في أدوارٍ أخرى ملأتها بوجودها الكثيف كغابة. يصعب وصف تمثيل منى واصف لشدة جماله غير المتصل بجمال الشكل ولا بعمليات التجميل التي تقوم بها غالبية الممثلات راهناً في عصر الصورة، في ظل الرائج الاستهلاكي. جمال منى واصف مختلف، حقيقيٌّ عميق، يتأتّى عن موهبةٍ استثنائية هائلة وتمرُّسٍ خطير مذهل. منى واصف فنانة بكل ما في الكلمة من تعبير ومعنى، والفن مهمة علت مكانتها، لذلك لا يستحق لقب فنان/ة كل مَن صار مشهوراً أو ظهر أمام الكاميرا كيفما كان. لمنى واصف تُرفع القبّعات.
قد يجنح النقاد والفنانون والمثقفون إلى انتقاد المسلسل نسبياً أو جزئياً على مستويات مختلفة، ما يُعَدّ من المألوف المعتاد والطبيعي إذا اندرجت الإشارة إلى الشوائب الفنية في خانة النقد البنّاء الذي يهدف إلى التطوير. أما أنا، فأسأكتفي هنا بذكر نقاط القوة التي استمالتني.
إجمالاً راقني تمثيل تيم حسن. إنه نجمٌ لا يستهان بأهمية “مغناطيسه” عبر الشاشة. وسامته الشرقية العربية تحديداً، الممزوجة بصفات منسوبة إلى الرجولة والشهامة وحسنات الشخصية (الكرم، الشجاعة، الكبرياء، الثبات، التجذّر، القيم التي يتحلى بها…)، صيّرته، رغم كل شيء، محط الأنظار وموضع اهتمام المشاهدين، لا سيما المشاهدات. هكذا تعلّق الجميع تقريباً بـ”جبل شيخ الجبل” العشائري المافياوي! هكذا تيَّمَ تيم المعجبات وشعرنا بأن الجمهور تعاطف معه عموماً، ما تبدّى عبر سيل التعليقات في وسائل التواصل الاجتماعي (فيسبوك، تويتر، إلخ.)، والأحاديث. نجح الممثل الشاب في الإقناع لأسبابٍ عدة، بينها الأداء الواثق، والدور الذي يحوي شموخاً – من زمانٍ قديم (ممتدّ)، نفتقده في زمنٍ مغاير مائع بعض الشيء- والمرحلة التي نمر بها بكل ما تستبطنه وتكتنفه من تناقضات.
أعجبتني، إلى حدٍّ ما، بساطة نادين نسيب نجيم (“عليا”) الآتية من عالم آخر، وأسعدني التمكُّن والاحتراف عند عبده شاهين، كما أن أويس مخللاتي (“صخر”) أثبت تميزه وبراعته ولفتني.
يُقال إن المسلسل سيتم إتباعه بجزء ثانٍ، لا يمكننا تقييمه الآن قبل مشاهدة حلقاته. الأهم أن يحافظ على مستوى الجزء الأول على الصعد كافة.
للمرة الأولى ينجح مسلسل غير خيالي، يعكس ما هو موجود بالفعل، في “شدّي” إليه. العمل الجديد يستحق التنويه، من دون شك أو تردد، على اعتباره تجربة فنية مؤثرة يمكن الارتكاز عليها وترقيتها وإحداث تحسينات فيها في مناحٍ عدة.
هالة نهرا
نُشر في28/6/2017
لم اتابع المسلسل على الرغم من الضجة الاعلامية الكبيرة حوله وضجيج صفحات وتعليقات الفيس بوك به وببعض الجمل التي يقولها تيم حسن …لكن فعلا المسلسل نجح في جعل الغالبية من الجمهور تتكلم عنه