معرض بيروت للكتاب: القراءة في زمن الـ”سيلفي” !
في زمن السرعة والإنترنت و”النيوميديا” تراجعت القراءة عموماً، لا سيّما قراءة الكتب، ما يستلزم خطّة راهنة ومستقبلية للحث على المزيد من القراءة ودعم الكتاب بوسائل وأدوات عدّة.
في هذا الإطار يشكّل معرض الكتاب مساحةً مكرّسة لعرض النتاجات الثقافية والفكرية والأدبية (الصادرة حديثاً والسابقة) وسواها في حقل الكتابة، وملتقى ومحطّةً تفاعليةً تتجلّى فيهما حركةٌ تنبني فيها المعرفة جزئياً.
عن معرض بيروت العربي الدولي للكتاب 60، يحدّثنا عددٌ من المتابعين المثقّفين والأدباء والشعراء، وقد انتقينا بين الأصوات الآراء التي تشمل الحرص والمواكبة ببساطةٍ مثمرة، منطلقين من وجهة نظر وجوه بارزة من الجيل الجديد، إضافةً إلى المخضرمين. بطبيعة الحال ثمّة تباينات وتقاطعات في الرؤى.
الشاعر بلال المصري، صاحب “خفيفاً كزيتٍ يضيء”، يقول إنّ معرض بيروت العربي الدولي للكتاب ظاهرةٌ ثقافيةٌ رائدةٌ على المستوى العربيّ، ولا يزال يجسّد نموذجاً يعكس حال الكتاب العربي، ويشكّل مناسبةً ثقافيةً هامّة تستميل الإعلام العربي ونخبة من المثقفين العرب والروائيين والشعراء وسواهم. المعرض الراقي هذا -كما يرى- هو أحد وجوه بيروت على الصعيد الحضاريّ لذلك يأمل من كلّ المهتمّين والمسؤولين في لبنان الدعم والرعاية للمعرض الكبير الذي أصبح يمثّل وجهاً ثقافياً للبنان، ومعلَماً ثقافياً عربياً وعالمياً.
يشدّ بلال المصري على أيادي داعمي ومنظّمي المعرض و”في مقدّمتهم “النادي الثقافي العربي” في بيروت ونتطلّع لأن يواكب المعرض في أكثر من برنامجٍ ثقافيّ
على الهامش – يقول- نتطلّع إلى مواكبته المعرض عبر مهرجان شعري كبير وندوات فكرية وثقافية. نتمنّى أن تعمّ هذه الظاهرة كلّ بيروت كأيّام ثقافية مواكِبة للمعرض، وفي هذا الإطار أن تعمد إدارة المعرض بالتعاون مع وزارة الثقافة اللبنانية إلى تكريم المبدعين…”.
أمّا وجهة نظر الناشط نامي نصر الله، فنقديةٌ بامتياز: “لم يكن معرض بيروت العربي الدولي للكتاب 60 هذا العام كالذي سبقه، ولا السابق كالذي كان قبله… فمن الواضح أنّ الاهتمام بالثقافة يتراجع شيئاً فشيئاً، وأنّ هذا المعرض، الذي لطالما كان محطّ الأنظار والانتظار من قِبَل الدول العربية مع المثقفين والأدباء اللبنانيين والعرب، بات يحتاج إلى إحيائه مجدّداً… هناك أسباب عديدة على الأرجح لهذا التراجع الدراماتيكي؛ بينها الوضع الاقتصادي وتقدّم التكنولوجيا على الثقافة. خلال التجوّل في المعرض يمكن سماع محادثات أصحاب دُور النشر، علماً بأنّها تشكو التراجع وعدم البيع غالباً. كذلك يمكننا الملاحظة بشكلٍ واضح أنّ الزائرين ينقسمون إلى ثلاثة أنواع: الذين يأتون لإلقاء نظرة والجلوس في الكافيتيريا وأخذ بعض الصوَر التذكارية (“سيلفي” selfie وغيرها!)، والذين يأتون مرغمين لحضور توقيع صديق (أو صديقة) وشراء كتابه أو ديوانه، والنوع الثالث، الذي بات أقلّية، وهو النوع المثقّف الذي بدوْره لم يعد يبتاع الكتب كالسابق ربما لأسبابٍ اقتصادية.
تجدر الإشارة إلى أنّ عدداً لا يُستهان بأهمّيته من المتابعين عن كثب يؤيّد رأي نامي نصر الله.
الأديبة والشاعرة سامية خليفة تقول لـ”بوسطجي” إنّها حضرت العديد من مناسبات وحفلات التوقيع لصديقاتٍ شاعرات كالشاعرة لميس حسون والشاعرة وفاء الزعتري والشاعرة ذرى البرازي، إضافةً إلى الكاتب والشاعر صفوان حيدر… كان الإقبال كثيفاً على المعرض – تقول خليفة- المساحات ضيّقة والممرّ دائم الازدحام. أمّا في ما يتعلّق بمكان المعرض وهو البيال، فعلى الرغم من أنّه المكان الأنسب للمعرض، لا سيّما بسبب سعته ورحابته إلاّ أنّه ما زال بحاجة لدراسة فالازدحام الذي يعيق حركة السير في الطريق المؤدّي إلى المعرض ينفّر حركة التواجد وربّما يلغي عند الناس فكرة الذهاب إلى المعرض. أمّا بالنسبة للنظام داخل المعرض، فقد كان جيّداً. ما زالت نظرتي إلى المعرض هي نفسها. المعرض يحثّ مَنْ يدخله على شراء الكتب بطريقةٍ جنونية وأحياناً من دون الانتباه إلى التكاليف.
المعرض غير المنفصل وضعه عن واقع الثقافة اللبنانية والعربية في مرحلةٍ يشتدّ قحطها مع تصاعد الأزمات، وعن الواقع الاقتصادي- الاجتماعي عموماً بطبيعة الحال، يشكّل حاجةً ملحّة في يومنا هذا وعلى الدوام، ما يستلزم المزيد من تضافر الجهود وتركيز الانتباه حوله من جوانب وزوايا متعدّدة لضمان نجاحه وإنقاذ الكِتاب والكُتّاب ودُور النشر…
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بوسطجي/ 27/12/2016