هل يستوعب مكتب الثقافة مفهوم المجتمع المدني؟
30 نوفمبر 2018/طبرق
المتتبع للعمل الاجتماعي والانساني، سيجده مبادرات من نشطاء وقياديين من الأهالي، وبالرغم من الأهمية الكبيرة لهذا العمل على سبيل النفع العام لا يجد الاهتمام.
والحديث عن الجمعيات الأهلية، والخيرية، والمنتديات و الحركات النوعية غير الربحية، المتحصلة على إشهار أو أذن مزاولة نشاط من القطاع الأول في الدولة ـ الرسمي ـ إذن نحن نتحدث عن (المجتمع المدني)، أو منظماته المناطة برقي المجتمع وتقدمه.
وفي بلادي بات المجتمع المدني من المكملات غير الأساسية، أو (الابتلاءات) التي تحاول السلطات التعايش معها، ومسايرتها دون أن تضع لها أي اعتبار، بل توظيفها توظيفا لمصلحتها عندما يتطلب الوضع تمرير أمر ما غالبا ما يكون جللاً.
و استقر الحال بالقطاع التطوعي المجتمعي (القطاع الثالث) على أن تكون الجهة الرسمية أو القطاع الأول في الدولة المتمثل في مكتب الثقافة هو المسؤول على منح الإشهار، وبدأ فعلا منذ سنوات بمنح الإشهار حسب القانون.
وتعد هذه البداية بادرة أو نقلة نوعية يعتبرها الكثير جيدة ويعول عليها؛ كون قطاع الثقافة هو جسر التواصل الذي يعبر من خلاله كل أصحاب الأفكار النيرة، و المبدعين، والمنشطين، وبعد هذه السنوات من العمل يبقى السؤال المُلح دائماً ، هل يستوعب مكتب الثقافة مفهوم المجتمع المدني؟
الإجابة ليست بـ (نعم) أو (لا)، بل ببرنامج عمل وخطة وهيكلة وأدوات متابعة ومراقبة، وآلية تواصل تمكن هذه الأجسام غير الربحية من مشروعية عملها.
إذا كانت الإجابة حاضرة؛ فعلى مكتب الثقافة أن يتحمل مسؤوليته، فاستيعاب مفهوم المجتمع المدني يتطلب التناغم معه و التعامل بالقدر الذي يتناسب وأهميته ومهامه، ومسؤوليته وتأطير مكوناته بالآليات التي تضمن تحصينه وحمايته وعدم المساس به واختراقه.
في العموم ليس العمل التطوعي الاجتماعي مجرد ملفات وحزمة أوراق في حقيبة وزارية ضمن ملفات عديدة، فهذا تضمين خاطئ لا يقبله المجتمع المدني؛ لآنه يسئ له و لا يجعله في مصاف التقدم والرقي، بل يعود به إلى مربع التبعية والتهميش والانجرار، ناهيك عن القفز عليه إلى أن يُنهك ويتقهقر.
مفهوم المجتمع المدني الواجب على مكتب الثقافة استيعابه، يتطلب عمل جاد، يتمثل في تخصيص واستحداث قسم خاص تنظيمي يعمل على ترتيب وتصنيف الأجسام الممنوحة تصنيفا نوعيا؛ ليسهل عملية متابعة سير عملها وتحقيق أهدافها بصورة واضحة دون تداخل أو تضارب أو تقاعس.
بالإضافة إلى متابعته، ومنع من يتاجر بإجراءات هذه الأجسام، المتمثلة في بيع النظام الأساسي أو إعداد لوائح العمل في المكاتب العمومية.
ناهيك عن عدم عمل أغلب هذه الأجسام وفق نظامها الأساسي و لائحته الداخلية، فكثيراً ما نجد جمعية ما تقوم بمزاولة عمل أو نشاط لا علاقة له برسالتها وأهدافها.
مكتب الثقافة والمجتمع المدني مطالب بالانسجام التام والتوافق مع مكونات ومنظمات المجتمع المدني بصفته الجهة المانحة؛ وليست سلطة متسلطة، والأهم ـ وهذا ما نحسبه واضحاً حسب ثقتي في القائمين على مكتب الثقافة ــ أن منح الإشهار يكمن في التنظيم والتحصين ولا يقصد به التبعية والاصطفاف وراء القطاع الأول في الدولة كوننا نؤمن بأن المجتمع المدني يتمتع باستقلاليته و لا يحق إدراجه تحت تبعية حكومية أو حصره داخل حقيبة وزارية.
لسبب مهم جداً وهو أن المجتمع المدني من مهامه مراقبة عمل الحكومة وحماية المسار الديمقراطي، والتمثيل والمشاركة في الرقابة على الاستحقاقات (الانتخابات والتزكيات وغيرها من آليات الاختيار التي من شأنها تسمية الأشخاص والصفات).
إدراك مكتب الثقافة لمفهوم المجتمع المدني يُحصن منظماته من الاختراقات الخارجية و الشبهات الكثيرة التي تتربص به من جميع النواحي.
إدراك مكتب الثقافة لمفهوم المجتمع المدني يذلل الصعاب أمام جميع منظماته لتقديم العمل اللائق وبالصورة المثلى.
إدراك مكتب الثقافة لمفهوم المجتمع المدني يمنح منظماته الثقة وبالتالي تأطير مجال كل منظمة تماشياً مع رؤيتها ورسالتها وأهدافها.
إدراك مكتب الثقافة لمفهوم المجتمع المدني لدليل على وعي القائمين عليه، و ينعكس هذا الإدراك على المجتمع في العموم، وهذا هو بيت القصيد.
مهم جدا ما طرحتموه أستاذ ما أحوج هذا القطاع إلى التنظيم والتتبع والتقويم وإلى الترشيد والتأهيل وإلى توفير الآليات ، وإلى تكافؤ فرص المشتغلين به وفتح الآفاق أمامهم حتى يتمكنوا من أداء رسالتهم وهي مساهمتهم في رقي المجتمعات .