هناء نور تكتب :
الصعود
*منى زكي: هي تصاريف القدر.. ما كنتش أعرف ممكن تبقى عندي موهبة في التمثيل.
*التلمساني قال لـ :منى زكي (إنتي وشك بتحبه الكاميرا.)
لم يكن في مخططات منى زكي أن تصبح ممثلة. عندما أعلن محمد صبحي عن حاجته لوجوه جديدة لمسرحية “بالعربي الفصيح” قادتها قدماها نحو المسرح..
عندما وقفت أمام محمد صبحي وطلب منها أن تقدم مشهدا.. قالت له: يعني إيه مشاهد قال لها: إنتي جايه ليه جايه عشان أشوف حضرتك.. لأ شكلك يجي منك حضري مشهد عشان تقدميه المرة الجايه
لم تصدق منى زكي ما حدث، ولم تستطع تكذيبه أيضا فحضرت مشهد لشيريهان من مسرحية “سك على بناتك” لكن الضحك لم يترك منى في حالها وهي تقف أمام صبحي محاولة تأدية المشهد.. صبحي أيضا تمسك بنظرته فيها.. قال لها: إنت هيطلع منك حاجة كويسة.. بس لازم تبطلي البطاطساية السخنة وإنتي بتتكلمي.. وكان صبحي يقصد الأسلوب الأمريكاني السريع جدا في الكلام..
تقول منى زكي: هي تصاريف القدر.. ما كنتش أعرف لولا الأستاذ صبحي إن ممكن تبقى عندي موهبة في التمثيل..
أحضر صبحي مدرب لمنى للعمل على تحسين مخارج الألفاظ وخامة صوتها التي كانت رفيعة ومنخفضة..
خطوة وراء خطوة راحت تجذب منى زكي إلى حقل لم يكن يخطر لها على بال.. وبدأت من أدوار صغيرة جدا على الشاشة كدور ابنة البواب في مسلسل “العائلة”
فكرت منى زكي في اعتزال الفن كثيرا وكانت راغبة في الابتعاد عن الوسط الفني.. وفي كل مرة كانت تحسم قرارها بالبعد كان يعود الفن ليؤكد لها أنها صاحبة مكان.
منى زكي: ( مين أنا عشان يستناني أحمد زكي.. وشريف عرفة.. ووحيد حامد)
عندما وقع الاختيار على منى لتجسيد ابنة أحمد زكي في فيلم “اضحك الصورة تطلع حلوة” وفرحت جدا بهذه الخطوة.. تعرضت منى لحادث كبير بسيارتها أدى لكسور في جسمها تلزمها الجبس والبقاء في السرير لشهور..
اعتذرت منى زكي بمنتهى الحزن عن تأدية دورها في “اضحك الصورة تطلع حلوة” فهي لا ترغب أبدا في تعطيل العمل حتى لو فقدت بذلك جزءا من أحلامها..
فوجئت منى بإصرار شريف عرفة، ووحيد حامد، وأحمد زكي على انتظارها حتى تشفى تماما.. وتمسكهم بها.. وعدم قبولهم لغيرها في هذا الدور..
تقول منى زكي إن هذا الموقف أبكاها امتنانا وفرحا.. وتساءلت: بس مين أنا عشان يستناني أحمد زكي.. وشريف عرفة.. ووحيد حامد.. لكنها تعود لفكرة تصاريف القدر.. وتلك القوة الخفية التي تؤكد لها أن مكانها الحقيقي في التمثيل..
* محمود ياسين: منى زكي يشعر المشاهد بأنها فرد من الأسرة..؛ فهي قريبة من القلب..
في فيلم “أيام السادات” كانت لمحمد خان عدة اختيارات لدور جيهان السادات.. لكن أحمد زكي كان يريد منى زكي.. وحدثت مشكلة بينه وبين خان.. ولأن خان أراد إنهاء المشكلة مع أحمد بذكاء.. وضع عقبة في طريق حصول منى على الدور.. فقال لأحمد زكي: أنا موافق؛ بس أعمل لها “تست كاميرا”
كانت لمنى زكي الكثير من الأدوار في المسرح والتلفزيون والسينما.. وكانوا يطلقون عليها في هذا الوقت لقب “الحصان الأسود” أي إذا أردت أن يدخل العمل قلب الجمهور “هات” منى زكي؛ فهي كما قال عنها محمود ياسين: منى زكي يشعر المشاهد بأنها فرد من الأسرة.. ابنة.. أخت.. حبيبة؛ فهي قريبة من القلب..
كيف سيواجه أحمد زكي منى برغبة خان في عمل “تيست كاميرا” لها فوجئ أحمد زكي وهو يخبرها بخجل.. بموافقتها على التجربة..
تقول منى زكي: أستاذ محمد خان كان بيسلم عليا بقرف كده وعمل “تيست الكاميرا” مرتين.. لكن أستاذ طارق التلمساني قال لي: أنا مبسوط جدا إني صورتك إنتي وشك بتحبه الكاميرا.. هذا الكلمة من طارق التلمساني مسحت من قلب منى زكي معاملة خان الخشنة وطيرتها من الفرح..
كانت منى في جلسات فريق العمل مع “جيهان السادات” تجلس صامتة بالساعات تراقب كل حركات جيهان.. أرادت أن تتشبع بروح الشخصية..
تقول منى إن بعد تصوير أول مشاهدها في “أيام السادات” نال تمثيلها رضا خان.. وأصبح يعاملها بود ولطف صديق.. لكن منى لم تعمل مرة أخرى مع خان. رغم ترشيحه لها في دور آخر.. وربما لم تكن الانطباعات الأولى في التعامل هي السبب الرئيسي في الرفض..
تحكي منى زكي عن عاطف سالم حين طلب رؤيتها للعمل معه في دور.. ثم حين رآها “اتخض” وقالها: إنتي اللي طالعين بيكي السما.. ده إنتي قصيرة وصغيرة قوي.. ويسألها: هو إنتي حولة؟ فتقول له منى ضاحكة: لا مش حولة والله يا أستاذ..
وكانت المرة الأولى والأخيرة التي التقت فيها بعاطف سالم..
سئلت شويكار ذات مرة عن ممثلات في الكوميديا ينلن إعجابها.. فقالت: منى زكي هايلة.. مركزة في شغلها.. مش بتقول الإفيه مثلا وتبص الجمهور ضحك ولا لأ..
كانت شويكار تقصد دورها في مسرحية “كده أوكيه” الدور الذي فقدت منى زكي صوتها بسببه وخضعت لعملية في الأحبال الصوتية..
منى زكي ترى أن التمثيل هو ما فعلته نيكول كيدمان في فيلم “الساعات” كيدمان الجميلة تجازف بعملية تشويه “لمناخيرها” عشان دور..
ربما لذلك تسعى منى بكل جهدها لإتقان عملها.. فمن أجل دورها ” في “مافيا” تستعين بمدرب “كونج فو” لتصدق نفسها وهي تؤدي الدور..
من أجل دور امرأة كفيفة في “أسوار القمر” تسافر أمريكا لدراسة إعداد ممثل.. ولا ترى منى زكي عيبا في دراسة التمثيل مجددا.. فالصادق لا يعرف التعالي أبدا.. ولا يفهم الغرور..
منى زكي حين تشعر بالضيق تأخذ سيارتها وتجوب بها الشوارع حتى تهدأ، فهي لا تحب البكاء أو الظهور بضعف أمام أحد، وتقول: الناس بتحب تتفرج.. الإنسان لازم يداوي نفسه بنفسه، ويظهر للناس في أحسن حالاته..
منى لا تخشى المغامرة، ولا تميل لتكرار نفسها، وعندما غضب الجمهور من دورها في “احكي يا شهرزاد” وطالبها بالبقاء في أدوار مثل “أبو علي” قالت: معلش أصل أنا كبرت وكل عمر له همومه وجماله وأنا أحب أكون صادقة مع نفسي ومع المشاهد..
لا تهتم منى بالتواجد السنوي الرمضاني في مائدة الجمهور.. فهي لا تقبل إلا الدور الذي يستحق الإضافة لسجلها التمثيلي.. حتى لو كلفها الأمر الغياب لسنوات..
سهر الليالي.. دم الغزال.. احكي يا شهرزاد.. أفراح القبة.. لعبة نيوتن.. أعمال وأعمال لن ينساها جمهور منى زكي..
ورغم دعم الكثير من الشخصيات المؤثرة والجهات الإنتاجية لمنى في مشوارها الفني؛ إلا أن ذكاءها غير المحدود.. وصدقها واجتهادها الدائم.. أسباب جعلتها جديرة بالإضافة لأهم سيدات الشاشة وأكثرهن توهج.