هناء نور تكتب :
في مقام الأحلام”
هل كان حلما!
رأيت إديث بياف تضحك قائلة لماريون كوتيار: مش أنا إديث بياف، صدقيني ما كنت أعرف أمثل حياتي زيك.. أنا خفت، واتخضيت..
تقول ماريون بثقة: ده كان مقصود.. والعالم كله قال: أسطورة تجسد أسطورة في “الحياة الوردية”
– إنت قدمت لي صوتك، وروحك، وكل نبضة فيك، وأنا وصلتك للأوسكار
– كانت الأوسكار الأولى، ومش هتكون الأخيرة..
وجه ماريون النائم يملأ الكارد في أول مشاهد فيلم “يومان، وليلة واحدة”
نستطيع أن ندرك كم هي متعبة، وضائعة..
كانت تتماثل للشفاء من الاكتئاب، لكن مصيبة جديدة حلت، برغبة صاحب العمل في إنهاء عمل “ساندرا” ماريون كوتيار
تعود للبكاء، وابتلاع المهدئات دون حساب..
أنا أشبهها كثيرا في اكتئابي.. وتناولي للماء بإفراط، يجف ريق ماريون كما تجف اشياء كثيرة حولها.. ريقي يجف مع صديقتي الروحية في السينما.. أتفهم كل ما تشعر به..
زوج “ساندرا” يدعمها، ويساندها؛ هناك أمل في إقناع زملائها في التخلي عن مكافأتهم المالية؛ لتبقى هي في عملها..
لن يوافق صاحب العمل على بقائها، إلا في حالة تنازل الأغلبية عن المكافأة.. فمن يتنازل عن المال من أجل “ساندرا”!!
“ساندرا” تطرق أبواب الزملاء بخجل ويأس، ووجه شاحب ببدو كالميت، كثير من الماء والأقراص المهدئة تحاول بهما “ساندرا” إعادة نفسها إلى توازن ما!
ماريون في دورها هذا والذي أعتبره أعظم أدوارها.. تذكرني بسيلفيا بلاث؛ المرأة التي كانت واقعة بنفس القدر بين التمسك بالحياة، والرغبة في الخلاص من كل شيء…
عندما تغلق الكثير من الأبواب في وجه “ساندرا” تبتلع علبة كاملة من دواء القلق، دون أن تودع أطفالها.. لكن بصيص أمل يجيء بزيارة إحدى الزميلات القادارت على التصويت لصالحها في العمل.. تقرر إصلاح ما أفسدته..
بعد إجراء غسيل المعدة، تخرج “ساندرا” بنفسية أفضل، يضاعف من ذلك الإحساس دعم زميلتها، وزوجها.. اللذان يحاولان خلق جو مرح حولها.. فتطلق ساندرا ضحكة مع الموسيقا لا تخلو من بهجة كما لا تخلو من قلق..
عندما تتمكن من جمع نصف الأصوات لا تحسم النتيجة لصالحها.. ولكنها بنلك الهمة التي مكنتها من السعي، وكل الحب الذي يحيطها.. تبتسم في نهاية الفيلم وهي تتحدث عبر الهاتف بثقة في نفسها وفي الحياة بالقدرة على البدء من جديد.
في فيلم “حليف” تقع الجاسوسة “ماريان” ماريون كوتيار في حب الجاسوس “ماكس” براد بيت..
يتشاركان الخوف، والقلق، وتجاوز الموت.. والعشق..
يتزوجان وينجبان طفلة.. لكن “ماريان” تقع في خطأ مضطرة لحماية ابنتها… يسامحها “ماكس” لكن السياسة لا تعرف التسامح ولا تفهم العشق…
تطلق “ماريان” الرصاص على نفسها لحماية “ماكس” وابنتهما..
جلوس براد بيت بجانب ماريون وهو يغطي جثتها بالبالطو باكيا..من أعظم مشاهد الوداع في السينما، وأكثرها تأثيرا؛ فكم بكيت كما الأطفال وأنا أعيش معهما هذا المشهد..
ضحكات ماريون الرقيعة تعلو على صوت بكائي..
تضع رجلا على رجل وهي تطالع صحف العالم.. وترمي صحيفة فوق الأخرى أرضا.. تشرب قهوتها الفرنسية بتلذذ..
“يا سلام يا ماريون.. بدون أي مجهود منك فرنسا دخلت جووول في أمريكا” تستمر في الضحك دون توقف..
إشاعات تشغل العالم:
أنجلينا جولي تتهم براد بيت بخيانته لها مع ماريون كوتيار..
أنجلينا تعين مخبرا ليعرف سر المسألة ويعود مؤكدا لأنجلينا وجود علاقة.. أنجلينا تنفصل عن براد بيت….
الصحافة لا تتوقف عن إفشاء الإشاعة، وخلطها بتوابل الجذب..
ماريون كوتيار بعد اهتزاز العالم حولها.. تخرج بهدوء وثقة مؤكدة إن براد بيت مجرد زميل لا أكثر..
أتقلب أنا كثيرا في نومي.. وبين وجوه كوتيار يمر النوم بمتعة..
ها هي “غابرييل” ماريون كوتيار “في أرض القمر” تدفعني لتساؤل لا يتوقف: “هل يجب أن يموت إنسان قبل أن يعيش حبا كالذي عاشته غابريبل”؟ أن يحبك أحدهم من أجل أن تعيش؛ من أجل فقط أن تعيش!!
في “صدأ وعظم” تفقد ماريون ساقيها الجميلتين، لكن تفكيرها في الانتحار لا يطول.. تقاوم، وتحلم، وتحب، وأنا أصدق السينما.. وأصدق مع ماريون كوتيار الأحلام..
أردد في أحلامي: ماريون امرأة استشقت العالم، ومازال بداخلها من قساوته وجماله الكثير..
صوت أم كلثوم يجيء من بعيد.. وكأنه قادم من عمق الكادر..
يغرد بألف ليلة وليلة..
أرى الست واقفة على المسرح ممسكة بمنديلها.. تتمايل مع الموسيقا وتتجلى….
الصورة تصبح أقرب، لم تكن أم كلثوم، كانت ماريون كوتيار تتجسد في ثوبها روحا وصوتا على المسرح…
استيقظ من نومي مرددة:
كانت أم كلثوم!
لا.. كانت ماريون كوتيار.
هل كانت أم كلثوم!!