كنوز قورينا تهرب بشكل ممنهج !
تطرق مراسل الموقع الألماني “مراسلون” من ليبيا، أسامة حسن في تقرير نشر بتاريخ 29 سبتمبر 2016 إلى وضعية الآثار الليبية وتعرضها لعملية نهب كبيرة، على خلفية تهافت العديد من المهتمين بها لشرائها من الأسواق غير المشروعة بأسعار متدنية جدا، كل هذا بسبب الإهمال الكبير الذي تعاني منه المناطق الأثرية الليبية.
وأشار الكاتب إلى أنه لطالما كانت مدينة شحات (قورينا) محط أنظار مهربي الآثار، إلا أن تسهيل عمليات البيع والاتجار عبر الانترنت زاد من نشاط هذه التجارة.
ونقل عن أحد المهربين -الذي طلب عدم الكشف عن هويته- قوله: “بيع القطع الأثرية لمن يهتم بها أفضل من تركها مرمية في شحات، دون أن يهتم بها أحد”، في محاولة لتبرير ما يفعله من تهريبٍ لتلك القطع الثمينة في تجارة تأخذ بالاتساع شرقيّ ليبيا.
وأوضح أسامة حسن أن آثار مدينة شحات (240 كلم شرق بنغازي) المعروفة تاريخياً باسم قورينا ما تزال تتدفق بطريقةٍ غير مشروعة على أسواق التحف والآثار في أوروبا والولايات المتحدة ، بل وتجدها حتى معروضة على المواقع الإلكترونية التي تهتم بعرض هذه المقتنيات الفنية ذات القيمة التاريخية، كما هو الحال مع موقع Royal Athena على سبيل المثال، الذي يعرض عدداً من القطع الأثرية الليبية تمت سرقتها ومن ثم تهريبها.
بيع
وأشار الكاتب إلى أنه عقب عدة محاولات وبصعوبة، وافق مهرب الآثار “خ. أ” -الذي عرّف بنفسه على أنه تاجر محلي من مدينة شحات- على الحديث معه، وبنوع من التحفظ حول عمليات البيع والشراء ونقل القطع الأثرية إلى الخارج، يقول التاجر الأربعيني إنه يشتري القطع التي يجدها الملاك في أراضيهم، مبتعداً عن تلك المسروقة التي يتم تعميم فقدانها ومن السهل تعقبها، أما عن عمليات البيع فيذكر أنه يتعامل مع شخص أردني الجنسية موجود بالعاصمة عمان.
وأضاف أن “خ.أ” يعرف جيداً المواصفات التي تجعل لعاب التجار الأجانب يسيل، وبالتفصيل يقول إن هناك نوعين من القطع الأثرية في شحات؛ نوع يسمونه الجنائزي، وهو موجود بكثرة في المقابر، إلا أنه غير ثمين بسبب نحته غير الدقيق وتاجرنا المحلي لا يشتريه، فتجارة “خ.أ” في النوع الآخر المعروف باسم “الملكي” والمصنوع في الغالب من حجر المرمر، وهو دقيق النحت مكتمل التفاصيل ثمين ومرغوب، وعادة ما يكون لشخصية معروفة أو إله إغريقي أو روماني.
وبين أن سعر القطعة الملكية تبدأ من 2000 دينار (1530 دولارا أمريكيا) وقد تصل إلى 10 آلاف دينار (7650 دولارا أمريكيا)، فهذا السعر الذي يشتري به “خ.أ” من مواطني شحات، يقوم بعدها بعرض القطعة على التاجر الأردني عن طريق الإنترنت، حيث يتفقان على السعر النهائي الذي لم يشأ ذكره، وبعد الاتفاق “أتصل بمهربين أعرفهم منذ سنوات طويلة في منطقة امساعد الحدودية مع مصر والمعروفين باسم – السلكاوية – لاستلام البضاعة، وهنا ينتهي دوري”، يخلص المهرب.
إرث
وحسب ما جاء في كتاب “التاريخ الليبي الحديث” للدكتور عبد اللطيف البرغوثي، مرت هذه المدينة التي أسسها الإغريق عام 631 ق.م بحقب تاريخية مختلفة، وتوافدت عليها العديد من الحضارات المتعاقبة، بدايةً من العصر الملكي ما بين 631 ق.م إلى 440 ق.م، إلى العصر الجمهوري ما بين 440 ق.م إلى 323 ق.م، ثم تلا ذلك العصر الهلينستي، ثم البطلمي ما بين 323 ق.م إلى 96 ق.م إلى العصر الروماني، فالبيزنطي من 96 ق.م إلى 642 م، مروراً بالثورة اليهودية كحدث هام في قورينا من عام 115 إلى 118م، ثم الفتح الإسلامي عام 642 م.
وبين أن هذا التنوع الحضاري المذهل الذي مرت به المدينة عبر العصور، سمح لقورينا بأن تمتلك مخزونا ثقافياً ومعمارياً وإرثاً كبيراً مدفوناً في ثراها وفي أحشاء وأعماق وديانها وسهولها وروابيها، لكن يتم تهريب هذا المخزون بشكلٍ ممنهج إلى خارج البلاد، حيث تعرض القطع القورينية في أهم المتاحف العالمية.
ـــــــــــــــــــــــــ
المرصد الليبي للإعلام
الكاتب: أسامة حسن
كنوزنا مسؤوليتنا لا بد نحافظ عليها شكرا على المقال الصادق بحق اسناذ اسامة