” عشاء عمل “
في الطابق العشرين من ناطحة سحاب مطلّة على نهر هدسون ،
أو ربما في بناء تاريخيّ جميلٍ على نهر التايمز ،
جلس ذلك الرجل ،
طلبَ شريحةَ لحمٍ جاءت بها النادلة،
و التقطَ في ذات اللحظة الممْلَحة من مطبخ امرأة حلبية ،
امرأة كانت تعدّ وجبة الغذاء لأطفالها
قبل أن تسرق قذيفةٌ جائعةٌ صينيةَ الطعام ..
على أريكة المطعم المرتّبة لاستقبال كبار الزوار
اتكأ ذلك الرجل ،
مازح شريكه الذي لطّخ غطاء الطاولة الثمين ببقعة من النبيذ؛
بقعة حمراء سقطتْ من طيّارة حربية
على منزل عائلة فقيرة في صنعاء..
عبر النافذة المجلّلة بستائر مخمليّة
نظر ذلك الرجل ،
أشار إلى يختِ صديقه الذي يعبرُ النهر في تلك اللحظات ،
الصديق الذي يملك مصنع بنادق رائجة في الموصل..
بفطيرة التفاح الطازجة
تحلّى ذلك الرجل ،
قطّع خريطة الطحين المخبوزة بالشوكة و السكين ،
التهم لقمةً من رغيف نازحٍ سوري
ثمّ همس في أذن رفيقتِه:
في مكانٍ بعيدٍ جداً عن مدينتنا الجميلة هذه
لا يستخدم الناس الشوكة و السكين أثناء الأكل ،
إنهم يظنّونها
أدواتٍ ملائمة للقتل!