الرئيسية / ثقافة / رسائل اللاوعي الخفية (سبلمنال)…حقيقة أم تصوّر؟

رسائل اللاوعي الخفية (سبلمنال)…حقيقة أم تصوّر؟

رسائل اللاوعي الخفية (سبلمنال)… حقيقة أم تصوّر؟

الكاتبة هالة نهرا/ لبنان

الرسائل الخفية Subliminal يمكن أن تكتنفها صورةٌ معيّنة في مشهدٍ ما تلفزيوني مثلاً و/أو دعائي أو سينمائي، كما يمكن أن تكون ضمن رسمٍ أو كتابةٍ بصرية (متصلة بشاشة) أو صوت لا يلتقطه ولا يميّزه الإنسان بسهولة، ويمرّ بسرعة عموماً.

في معظم الأحوال يتعذّر على العقل الواعي التقاط الرسائل الخفية بأكملها فيما يمتصّها اللاوعي*، وترسخ فيه.

في هذا الإطار تجدر الإشارة إلى أنّ الرسائل الخفية السمعية عبارة عن جُمل متداخلة أو موجاتٍ متراكبة خفية فوق موجة الصوت المسموعة أو رسائل معكوسة يدركها العقل الباطن.

على بساط البحث هذا ما يُقال ويُكتب، وهذا ما يمكن التماسه ومعرفته بالدليل الملموس، علماً بأنّ هناك مَن لا يوافق على التعريف والمسألة برمّتها لاعتباراتٍ معينة، وهناك مَن يعدّ الموضوع دعابة أو خيالاً. بعض “المنظومات” تنفي صحة الأمر لكي تستخدم رسائل اللاوعي الخفية وحدها دون سواها، خوفاً من استخدامٍ مضاد في المقابل للرسائل هذه، ما يهدّد مصالحها العليا. بعض العلماء والباحثين يؤكّدون الأمر يومياً ومدى قوّة ونجاعة رسائل اللاوعي الخفية.

أحياناً تكمن الرسائل هذه في إيحاءات ضمن مشهدٍ واضح أو في مجموعة مشاهد ضمن سياقٍ معين يتكرّر مفهومه (مع عناصره) ليلامسَ العقلَ الواعي والعقل الباطن معاً.

لا شكّ في أنّ للرسائل هذه – التي يمرّرها بعضهم لا سيّما في الإعلانات التلفزيونية والسمعية للتحكّم بالإنسان وتسييره وصولاً إلى التنميط والنمذجة-  تأثيراً كبيراً على الناس في العالم من حيث لا يدرون.

ويمكن استخدام الرسائل هذه ليكون تأثيرها إيجابياً في الحثّ على التفكير على نحو جديد مغاير يزخر بالإيجابية والتفاؤل، وعلى القيام بأمور معيّنة مفيدة تنطبع، عبر الرسائل هذه، في اللاوعي.

يمكن تضمين هذه الرسائل ما نريده لتغيير حياتنا نحو الأفضل ولتحقيق أهدافنا. نحن إذاً، في جانبٍ ما، أمام رسائل مستبطَنة غالباً (مع وجود استثناءات)، شبه محجوبة عن الأنظار والسمع لأنّها تكون مموّهة أو بمثابة ومضة، كلمح البرق سريعة، وبذلك فأنت تلمحها ولا تراها بوضوح (وبعضها يمكن أن تراه بشكل طبيعي) ولها مفعولها “السحريّ” الذي يمكن أن يكون سلبياً (خصوصاً في الإعلانات التجارية ضمن ثقافة الاستهلاك) أو إيجابياً يهدف إلى التحسين والتطوّر والترقية والشعور بالراحة والأمان والحب، أو الإقلاع عن عادات سيئة؛ الإقلاع عن التدخين مثلاً، إلخ.

لا بدّ من الإشارة أيضاً إلى أنّ الرسائل الخفية موجودةٌ في بعض الشعارات العالمية واللوغوLogos  والرسوم المتحرّكة (للأطفال وللراشدين) وفي الموسيقى، علماً بأنّ للرسائل الخفية العديد من الأهداف عموماً؛ قد يكون الهدف سياسياً، إضافةً إلى الأهداف التسويقية، والسعي إلى الاستحواذ على العقول والتلاعب بها…

 تختلف درجة الاستجابة للرسائل هذه تبعاً للاستعدادات المختلفة عند الأشخاص.

ممّا لا ريب فيه أننا في زمن العولمة تحديداً صرنا جميعاً، أكثر فأكثر، عرضةً وهدفاً للمنبهات والدوافع اللاشعورية التي نتلقّاها، ما يؤثّر على سلوكنا وتصوّراتنا وإحساسنا ووضعنا النفسيّ والجسدي، إن سلباً أم إيجاباً. لذلك لا بدّ من طرح المزيد من الأسئلة حول الموضوع هذا ومحاولة الاستفسار. إنّ الرسائل الخفية سيفٌ ذو حدَّيْن كما نرى، والمقال هذا مدخلٌ للاستعلام والاستيضاح عمّا يجري ويعنينا كلّنا في عصرٍ مشوِّش.

 https://www.youtube.com/watch?v=DGDLCR3jobU

* اللاوعي أو اللاشعور: إنّه مفهومٌ يُشار به إلى مجموعة من العناصر التي تتكوّن منها الشخصية، بعضها قد يعيه الفرد على اعتباره جزءاً من تكوينه، والبعض الآخر يظلّ بمنأى كلّي عن الوعي. ثمة تباين بين المدارس لناحية تحديد المفهوم هذا بصورةٍ دقيقة، إلا أن العقل الباطن عموماً عبارة عن مخزن للاختبارات المترسّبة بفعل القمع النفسي. ويشتمل العقل الباطن على المحرّكات والمحفّزات الداخلية للسلوك، كما أنه مقر الطاقة الغريزية الجنسية والنفسية بالإضافة إلى الخبرات المكبوتة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هالة نهرا 

LOGO-304x80-114x30

 

عن الخبر ال واي

شاهد أيضاً

منعطفات الجريمة المنظمة الجامحة

*الايرلندي /2019/ لسكورسيزي: منعطفات الجريمة المنظمة الجامحة ضمن النسيج السياسي الأمريكي بعيدا عن الشعور بالذنب: …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *