مسار في تجربة اليسار
كتاب يفتح حرية البوح
” عنوان الكتاب اختاره الأستاذ المرزيق مصطفى كمحطة وجزء أول ليفتح لذاكرته حرية البوح لما اختزلته من صراعات نفسية وفكرية تضاربت في غياهب الصمت وظلت حبيسة جدران السجن وبرد الغربة والسؤال . إلى أن قرر الكاتب أن يفسح لقلمه عنان الكتابة بعد أن أخبر شريكة حياته القصة ذات ليلة, ليقرر أن يشارك القارئ ما عاشه وعايشه جيل كامل, يؤمن بحق المواطنة الكاملة ويتدثر بغطاء القومية العربية والفكر الحر. كانت الجامعة الحلبة الحقيقية لصقل التجربة اليسارية رغم عدم الاعتماد على الأفكار البيداغوجية المقررة لأنه تبقى رهينة مقررات وحبيسة أفكار لا غير. كان الطموح أكبر من شعار” الثورة على الأبواب بقيادة الطلاب ” والانتماء السياسي والحزبي لم يكن السبيل الوحيد لعدم معرفة خفاياه السياسية ولا لونه المغيب.
حيث يقول المرزيق في الصفحة 88 كانت لنا اراء شجاعة حول قضايا تعليمية (المطالبة بتعليم عربي ديموقراطي) ونقابية (حرية العمل النقابي وتحقيق كل المطالب المشروعة لعموم الطلبة) وثقافية (ثقافة عربية وطنية)……….وديموقراطية (المطالبة بنظام ديموقراطي وشعبي) إلى غيرها من المطالب . كان لدور الأدب العربي الكبير والعالمي من رواية وشعر وموسيقى نتاجا يساير الهم الأكبر هو الخروج إلى بؤرة النور بضمان حق الإنسان في العيش الكريم واحترام إنسانيته وأحلامه وأفكاره. لم يكن يعلم الأستاذ المرزيق ضمنا أن إيمانه بالحريات واحترام الانسانية والحلم بالتغيير وشغفه بالفن والسينما والأدب سيدفع ضريبتها من حريته ومتابعاته من طرف أجهزة الأمن السري. لا ثمن يعوض الحرية ..
حيث بدأت مسيرة التعذيب النفسي بسرقة صورة الكاتب مع والدته من طرف المخبر حيث وظفها الكاتب كبداية لوسائل تعذيب نفسية وجسدية من الاختطاف والاستنطاق والسجن . محاكمة بدون دلائل اعتمدت على شهادات لاجهزة تخدم أساسا الدولة .. تبدأ خيوط شبكتها من الاختطاف من درب مولاي شريف إلى سجن عين القادوس بفاس إلى السجن المركزي بالقنيطرة .حيث شهد العالم في هذه المرحلة أحداث تاريخية كبيرة .. ساهمت بشكل كبير في اعادة النظر إلى ملفات انسانية طواها النسيان .
“مسار في تجربة اليسار” ناقش مرحلة تاريخية مسكوت عنها سابقا حيث ظلت حبيسة جدران المعتقلاتالتي تفتقد إلى أدنى الحقوق التي يمكن أن تحمي كرامة الإنسان. مسار بين الحلم بتغيير واقع مرير إلى بؤرة النور والأمل ..عايشه جيل من الطلبة الذين غيبتهم السجون ليظل الحلم نازفا كما التطلعات إلى التغيير. مصطفى المرزيق ارتأى أن يتحدث بلسان الجمع لأن تجربته لم تكن الوحيدة فحتى في الكتابة شارك مذكراته بصيغة جماعية … سرد عميق ..محكم ..طازج بين لغة حادة قوية وأخرى شاعرية للدلالة على أن القوة تستمد من جوهر وروح الإنسان الطموح إلى التغيير . فكم من سجين طليق وكم من حر سجين وكم يلزم من موت لحياة.. ويبقى الوطن الملجأ ..
ـــــــــــــــــــــــــــ
نُشر في جريدة آخر ساعة المغربية