محطة الّسجين الأخيرة
ليس للنّافذة قلب ينبض
تشرّع روحها نحو الحلم،
تمدّ ذراعيها نحو السماء،
تداعب خيوط الشمس الأولى،
تلامس أنامل الغروب.
ليس للنافذة قلب،
لا تُحب،
لا تَكره،
تُضاجع الوقت دون شهوةٍ كبيرة،
لا تبتسم كثيرا،
حزنها خفيفٌ كجناح خُطاف.
يُبكيها أنينٌ مزمنٌ في المفاصل شتاءً،
تشققٌ في الجسد الغضّْ صيفا.
ليس للنافذة قلب،
هي محطّة السجين الأخيرة كلّما راودته الحرية عن نفسها،
هي سطوة السجان في زهوةِ انتصاراته.
ليس للنافذة قلب،
للنافذة ذاكرة.
ليس للنافذة قلب،
يعشق،
يحنْ،
يغفو في حضن حبيب.
ليس للنافذة قلب،
ذاكرتها مفتوحة..
كشراعِ سفينة وحيدةٍ،
يقاوم الريح العاتية في يوم عاصف.
للنافذة..
ذاكرة الماء المنساب بين ثنايا الوقت،
عصيٌّ على الإمساك،
خافتٌ كغناء عصفورٍ حزين.
ليس للنافذة قلب،
لكن ذاكرتها شاسعةٌ كالأيام،
تُهدهدُ طفولة الزمن تمضي للمجهول.
للنافذة…
ذاكرة العاشق في سكراته الأولى،
الأخيرة…
دموعه في زفراته حين ينساب جسد الحبيب بين أصابعه
قطرات ندى فوق خد الورد.
ليس للنافذة قلب،
هي رائحة الأشواق في مدامعِ الصبايا
يجدّلن شعورهن تحت ضوء القمر.
للنافذة ذكريات،
لا تغفلُ التفاصيل،
تحتفي بالصمت في حضرة الكلام
ذكريات عصية على النسيان.