ابراهيم الكوني ..
كتبت عن هذا منذ سنوات، وأعود لأطرح السؤال: الكوني إلى نوبل .. لم لا ؟
عرفت الكاتب ابراهيم الكوني النصف الأول من سبعينيات القرن الماضي قاصا، وكنت أميل بشغف إلى هذا الجنس الأدبي، ولا زالت استذكر قصتيه «هي والكلاب» و«الشظية» التي تحولت فيما بعد إلى عمل سينمائي للمخرج المرحوم محمد الفرجاني، أما اليوم فلم يعد الكوني في حاجة إلى التعريف لمن هو مطلع أو متابع لخارطة الأدب العالمي المعاصر، ولعل ذلك ما ذهبت إليه مجلة «لير» الفرنسية حين اختارته من بين خمسين روائياً من العالم اعتبرتهم يمثلون اليوم «أدب القرن الحادي والعشرين»، وسمتهم «خمسون كاتباً للغد».
بلغ منجز الروائي إبراهيم الكوني قرابة الستين عملا إبداعيا ترجمت عناوين منها إلى مختلف لغات العالم الحية وكتب عنه كبار النقاد وكبريات الصحف في العالم من أمريكا إلى أوربا إلى اليابان مجمعين على أنه يكتب أدبا غير مسبوق وأن إعماله ساهمت في رسم خريطة حديثة جداً للرواية العالمية الشابة واستفزت القراء الغرب بجعل الصحراء استعارة للوجود الإنساني، وحاز جوائز توزعت مصادرها على غير بلد وغير قارة، نستحضر منها:
• جائزة الدولة السويسرية، على رواية” نزيف الحجر” 1995م.
• جائزة اللجنة اليابانية للترجمة، على رواية ” التبر” 1997م.
• جائزة التضامن الفرنسية مع الشعوب الأجنبية، على رواية «واو الصغرى» 2002م.
• جائزة الدولة السويسرية الاستثنائية الكبرى، على مجمل الأعمال المترجمة إلى الألمانية، 2005م.
• جائزة الرواية العربية( المغرب) 2005م.
وأقدم معطيات تسمح لي بمشروعية طرح السؤال:
ما الذي ينقص الروائي الليبي إبراهيم الكوني ليكون مرشحا قادما لنيل جائزة نوبل للآداب ؟ ما الذي يتفوّق فيه الكاتب التركي أورخان باموق، الحائز على هذه الجائزة العام 2006؟
إذا كان المقياس إنتاجا فالكوني يملك ما يكفيه، وإذا كان الحكم على ما يقدمه ذلك الإنتاج من اكتشاف لعوالم الكون ومكونات الطبيعة بما تحمله من علاقات بين كائناتها وسحر الروح والأسطورة فيها وتداخلهما معا, فهذا هو العالم الذي يقدمه، وإذا كانت القيمة فليس غير الاستحقاق هو الذي راكم في رصيده كل تلك الجوائز العالمية التي بدأت وكأنها هي التي تتعقبه وتركض وراء جديده.
وليس غيرها القيمة أيضا التي استقطبت انتباه واهتمام ابرز نقاد العالم ليتعاطوا معها بحثا ودراسة فيما وصفه أحدهم بتناسل الدراسات حول أدب الكوني.
وإذا كانت الترجمة هي الطريق الأقصر إلى (نوبل) كما يرى البروفسور (روجر ألان) أستاذ الأدب العربي الوحيد بجامعة بنسلفانيا بالولايات المتحدة واحد مراسلي الجائزة فقد ترجم من أعمال الكوني ما يكفي وباللغات التي تكفي، وهذه الشخصية الأكاديمية نفسها وصفت في أحد التصريحات أعما الكوني بـ”الخاصة والمتميزة.
لا بد أ ن نتفق كليبيين معنيين بالأدب والثقافة بعيدا عن أية حساسية ودون الاستنجاد بمبررات التأويل والتنميط والخوض فيما ليس له شأنا بالعملية الإبداعية على أن إبراهيم الكوني مبدع موهوب بما أنجز، وعالمي بما ترجم له بكل اللغات الحية، وما استحقت أعماله من جوائز عالمية تجعله مميزا ومتفردا في مساق مسيرة الأدب الليبي ولنقل في مجال الرواية، وبما أجمع عليه المهتمون بالأدب العالمي وتفرعاته من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب.
لا بد من إجماع على موضوعية وجدارة الترشيح مع التدليل وبدون عقد أن روائيين حازوا الجائزة لم يكونوا أفضل قيمة من الكوني إنتاجا وانتشارا واهتماما.
لا بد من اقتناع بأن الكوني أصبح في رصيده من الجوائز العالمية ما يجعل جائزة نوبل سياقا طبيعيا لرحلة عطائه, رغم أن ثمة من يرى وأنا منهم أن حصادا كهذا من الجوائز يكفيه إلا أن (نوبل) تبقى لها قيمتها وشهرتها ويبقى لها يريقها وتميزها كمطمح أقصى للمبدعين.
ما أدعو إليه ليس مستحيلا وما هو بخارق وقد اختصر لنا الروائي أكثر من نصف المسافة بجهده ومواظبته وما قدمه من منجز وما أنجزه من قيمة لم تعد محل جدل أو نقاش، إن ذلك هو تحفيز أيضا للمبدعين الليبين، الذين تمكّن بعضهم من فرض أسمه في خارطة الإبداع العالمي.