الرئيسية / مجتمع / رسالة كفاح “المعلمة القديرة المتميزة أبلة نوسه شعبان الزواوي”

رسالة كفاح “المعلمة القديرة المتميزة أبلة نوسه شعبان الزواوي”

رسالة كفاح “المعلمة القديرة المتميزة أبلة نوسه شعبان الزواوي”

حوار و تصوير : فاطمة الثني

قم للمعلم وفِّهِ التبجيلا***كاد المعلم أن يكون رسولا
أعلمت أشرف أو أجل من الذي * يبني و ينشئ أنفسا و عقولا
سبحانك اللهم خيرَ معلِّم***علّمت بالقلم القرون الأولى
أخرجت هذا العقل من ظلماته***وهديته النور المبين سبيلا
في بداية فصل الشتاء سنة 2023م قبلت “صحيفة فبراير” ” المعلمة القديرة المتميزة أبلة نوسه شعبان الزواوي” ، و كان لنا شرف الجلوس مع “المعلمة القديرة” ، و روت لنا تجربتها الرائدة في التعليم و الحياة ، رغم كل التحديات سواء في فترة الحرب و ما بعده ، و لكنها صمدت مع نخبة من “المعلمات القديرات” ، اللاتي خرجن أجيال من التلميذات ، هن رائدات وزارة التربية و التعليم في القرن العشرين ،،،،
متى بدأت مرحلة الدراسة؟

المعلمة نوسه شعبان الزواوي
نوسه شعبان الزواوي مواليد شهر ديسمبر سنة 1936م ، خلال عقد الثلاثينات و الأربعينات من القرن العشرين لم يكن هناك روضة أو مدرسة ، عندما كان عمرى ثلاثة سنوات دخلت (مدرسة الراهبات) بهدف التحصيل العلمي و الثقافة ، أخذت منهن فكرة القوة و معنى الحياة و الطاقة الإيجابية و الأخلاق و المحبة ، و كانت هذه النقطة الأولى و أهم مرحلة في حياتي .
كيف كانت الحياة الاجتماعية و العلمية قبل الاستقلال و بعده ؟
سابقا كنا نسكن في شارع بوتشيني و هو شارع الأجداد ، في ذلك الوقت لم يكن هناك سيارات ، الوالد “الحاج شعبان” من شط الهنشيري كان لديه أرض ، فكر في بناء معطرة الزيتون و بيت ، بعد أسبوع من السكن و الاستقرار بالبيت بسوق الجمعة بدأت الحرب العالمية الثانية ، لم نكن نتوقع حدوثها ، الوالد بناء مخبأ بألواح لحماية من الحرب ، بقينا في ذلك المخبأ ، كما صغار آنذاك لم نعرف معنى الحرب ، و كان أمامنا معسكر إيطالي ، الحمد لله لم يحلق الأذى بأحد من الأهل و العائلة .
انتهت الحرب و جاء الاستقلال الوطني رجعنا إلى البيت وسط المدينة و فتحوا المدارس ، و دخلنا نقرأ في مدرسة المدينة القديمة و هي أول مدرسة ، و هذه كانت النقطة الثانية في حياتي، كان نظام الدراسة باللغة العربية ، مديرة المدرسة “المعلمة القديرة جميلة الإزمرلي” و التي قامت بتدريس لي اختها “المعلمة القديرة نديمة الإزمرلي” و المشرفة “المعلمة القديرة زهرة” ، و درست سنة واحدة في هذه المدرسة ، ثم انتقلت إلى مدرسة جامع المغاربة كان اسم المديرة “المعلمة القديرة سميرة” من فلسطين ، و اذكر بعض أسماء من هيئة التدريس زهرة عارف ، مانه بن تنتوش و نديمة القريتلي و بديعة كارة و فاطمة كارة و نفسية بن تركي من سوريا ، و تتميز المدرسة بالحداثة و كبر الحجم و عدد أكثر من التلميذات ، كان ذلك في سنة 1946م ، و درست خمس سنوات و كل المواد باللغة العربية و من بين المواد مادة الحساب .

ما هي مميزات المنهج في المرحلة الابتدائية ؟
كان ذلك في عهد الإنجليزي ، كنت صغيرة في السن و ادرس ، لم يكن هناك منهج رسمي يدرس ، و رغم ذلك يتميز المنهج بأنه من أقوى المناهج حيث يتميز بالمعرفة و الثقافة ، كان المنهج يدرس بإعطاء المعلومات و المعرفة من قبل هيئة التدريس ، لم يكن هناك منهج محدد نقرأ الحساب و القرآن الكريم و الحرف اليدوية الخياطة و التدبير المنزلي ، أخذت الشهادة الابتدائية بالصف الخامس و ذلك بعد دراسة الصف الأول و الثاني و الثالث و الرابع و الخامس ، لم يكن هناك الصف السادس .
هل كان هناك مرحلة تعليمية بعد الشهادة الابتدائية أو لا ؟
لا لم يكن يوجد معهد التعليم ، و في ذلك الوقت كنت متحصلة على الشهادة الابتدائية ، لم اصل إلى مرتبة “معلمة” ، و فتحوا المدراس الابتدائية خارج مدينة طرابلس ، و طلبوا معلمات ، كان لا يوجد عدد كبير من المعلمات و المعلمين ، كانوا هناك عدد بسيط الذين دراسو قبل الحرب ، و كان عدد التلاميذ كبير ، خلال اجتماعات أولياء الأمور و المسؤولين في البلاد لتشاور حول تدريس التلاميذ ، طلب أحد الأعضاء من “الوالد الحاج شعبان” أن أكون معلمة في المدرسة ، و ذلك في اطار تشجيع التلميذات اللاتي تحصلن على الشهادة الابتدائية على العمل ، “الحاج شعبان” شعر بالإحراج ، و كان موجود “حضرة قاضي القضاة طرابلس محمود أبو رخيص” و هو يسكن بجانب بيتنا ، قال “للوالد الحاج شعبان” هو أمر ليس صعب بل أمر سهلا ، احضار أبنتك و كأنها في بيتي ، و وعد بالتعيين في مكان محترم و مع أسرة محترمة ، و بأنها لا دعي للخوف قال له “نوسه لا تخاف عليها” ، سوف إرسالها إلى ناس محترمين تعيش معهم و تمارس “مهنة التدريس” ، عندما رجع “الحاج شعبان” إلى البيت أخبر “الوالدة” و العائلة بأنني سوف اذهب إلى “مدينة مسلاته” لممارسة مهنة التدريس ، أجابوا كيف و لماذا؟ ، كان امر غريب أن يتم (التعيين) خارج مدينة طرابلس ، و اجابت “الوالدة” بعد تفكير بأن يفعل ما يريد طالما كان المكان محترم ، و ذهبت إلى “مدينة مسلاته” مع “الحاج شعبان” و في الطريق كان لدى شعور بعدم معرفة ” الوالد” الطريق و الرجوع إلى البيت ، و لكننا وصولنا إلى مدينة مسلاته .
النقطة الثالثة في حياتك مدينة مسلاته ،،،
كان ذلك في عهد الاستقلال سنة 1951م ، مرحلة من العمر متميزة ، تحصلت على “التعيين في الدولة بوزارة التعليم في مدرسة العلمين بمدينة مسلاته” ، و كان عمري (12) سنة ، عند الوصول إلى مدينة مسلاته استقبلنا مدير الناحية مسلاته و هو “بمثابة عميد البلدية الان” و أعيان مسلاته ، كل اهل مسلاته ساعدوني لان الامر كان صعب ، و ذهبت مع شروق الشمس إلى مدرسة العلمين و اندمجت مع هيئة التدريس و التلميذات ، “المدير السيد الزروق” ترك لنا المدرسة ، و كلفت مديرة بإدارة المدرسة و المسؤولية عليها ، و كلفت ” المعلمة القديرة أبلة نوسه” بتدريس الصف الثاني و الثالث ، و الصف الأول كلفت به “المعلمة القديرة كميلة البياسي” ، و أصبح لدى نشاط و طاقة إيجابية ، و عاشت معهن كصديقة و معلمة و أخت ، كان بين فريق هيئة التدريس تنافس و تبادل المعلومات و المعرفة و الصدق و الأخوة ، منحت التلميذات كل المعرفة و العلم الذي تحصلت عليها خلال فترة دراستي ، استمريت في التدريس بمدرسة العلمين لسنة واحدة لم اشعر بزعل أو الغرابة بل شعرت بالفرح و الابتهاج و النشاط و التغير الإيجابي ، كل يوم تقريبا بعض التلميذات يقمن بإحضار الأسئلة لي و كانت الأسئلة صعبة و أقوم بالإجابة و حل الأسئلة ، شعرت كأنني ادرس و في نفس الوقت أقوم بمهنة التدريس ، تلميذات مدرسة العلمين يتميزن بالثقافة ، لم أقم بزيارة الأهل إلا لمرة واحدة لمدة أسبوع خلال السنة الدراسية بسبب الصيانة في المدرسة ، إضافة لم يكن هناك هواتف ، و بالمقابل لم يأتوا الأهل لزيارتي أيضا ، علما أن “الحاج شعبان” فكر في العمل باعتباره تاجر خط مسلاته لكنه لم يستطع نظراً لظروف خاصة .
الاطار الاجتماعي و السلوكي بمدينة مسلاته،،،
عاشت في بيت مدير الناحية بمدينة مسلاته الحاج المهدى بن صالح “بمثابة عميد البلدية”، و تتكون عائلته من ثلاثة أولاد و أبنه الأكبر كان يدرس ، أخرج أبنه الأكبر من البيت و وضعه يعيش في الخلوة “الداخلي” كان يطلق عليه سابقا خلوة الدوكالي ، و عندما يزور والدته يوم جمعة يأتي مع “معلمه” و يجلس “الأبن الأكبر” كأنه ضيف في “مربوعة البيت” ، و ذلك تمسك بالعادات و التقاليد الليبية ، طالما هناك امرأة غربية في البيت لا يدخله ، و هذا يدل على كرم و أخلاق الأسرة الليبية و العربية حتى في ظل الحروب ، و عاشت مع بناتها و زوجتها كأنني اخت و أبنة لهم ، و “الشيخ المهدى بن صالح” رب الأسرة لا يدخل البيت أيضا ، و لا يقف أمام غرفتي ، لا يقول لي حتى صباح الخير ، و لا اسلم عليه ، و هو الذي كان يحضر لي المرتب الشهري و قيمته “سبع ليرات عسكرية بريطانية” ، كان هناك الاحترام الكامل .
عند مغادرة مدينة مسلاته نظموا احتفالية وقف مدير المنطقة الحاج المهدى بن صالح و اعيان مدينة مسلاته و سلموا على “الحاج شعبان” اعتزاز و تكبير بمجهودي ، و ذكرت ” المعلمة القديرة أبلة نوسه” بأنها تشعر بالمحبة و الود لكل أهل مسلاته ، و هما أيضا كانوا يشعرون بالمحبة لها و منحوها الاهتمام و التقدير و الاحترام ، مهنة التدريس مهنة أخلاق و أمانة ، و أضافت بأن سكان مسلاته كانوا يتميزون بالثقافة و كانوا متعلمين ، و تقاريرها الخاصة باعتبارها “معلمة” كانت ممتازة .
النقطة الرابعة في حياة المعلمة القديرة العودة إلى طرابلس،،،
كان ذلك بعد سنة دراسية في مدينة مسلاته ، رجعت إلى البيت في طرابلس ، كان الاستقبال بالأحضان ، و بدأت ادرس في مدرسة الظهرة لمدة سنتين ،و من أشهر العائلات في منطقة الظهرة عائلة السيالة و عائلة الفقيه الحسن ، خلال السنة الأولى كانت مديرة المدرسة ” المعلمة القديرة فاطمة كارة” من جمهورية مصر العربية و هي من سكان منطقة الظهرة ، و كان من بين أعضاء هيئة التدريس “المعلمة القديرة آمال الفجاجي” ، و فتحوا مجال التمريض ، و استمريت في التدريس ، و التي كانت تدرس في الصف الثالث أصبحت تدرس الصف الرابع ، و أصبح هناك خريجات ممرضات ، و من أشهر مقاولة لممرضات بأنهن أصبحن “نجمات لامعات” ، و شعرت بالفرح و منحت لهن كل معلومات أكثر من المنهج .
النقطة الخامسة رائدات وزارة التربية و التعليم،،،
اذكر بعض أسماء رائدات وزارة التربية و التعليم في عقد الأربعينات و الخمسينيات من القرن العشرين زعيمة الباروني ، فاطمة كارة ، فتحية الخضري ، خدوجة الشلي ، عايدة الطالب، مانه بن تنتوش، نديمة القريتلي ، زهرة عارف ، كلهن صديقاتي و البعض منهن كانوا مدرسات لي ، استمريت في مهنة التدريس ، خلال السنة الثانية أصبحت مديرة المدرسة “المعلمة القديرة زعيمة الباروني” ، و أصبحت أدرس مادة الحساب للصف السادس الابتدائي ، حيث تم إقرار الصف السادس الابتدائي من وزارة التربية و التعليم سنة 1953م ، و سبقت كل المعلمات في مهنة التدريس و كان الفضل العظيم للفائدة التي تحصلت عليها من (مدرسة الراهبات) علموني الشجاعة ، عدم الخوف ، الصبر ، القوة ، الأخلاق ، التعايش الاجتماعي ، التسامح ، الاستمرار ، قاعدة الحياة ، الكل كان يعملني كأنني سيدة كبيرة “السيرة واحدة” لم اشعر بالغرابة بين أعضاء هيئة التدريس و بين التلميذات .
أخلاق عقدي الأربعينات و الخمسينات من القرن العشرين،،،
ذكرت مثال ، المدرسة في الفترة الصباحية للأولاد و في الفترة المسائية للبنات ، “السبورة” خلال الفترة المسائية كانوا لا يجدون مكتوب عليها عبارات غير مهذبة ، بل أحيانا يجدون مكتوب عليها عبارات ثقافة ، قالت لأنها تتمنى العودة إلى حياة البساطة و أخلاق عقد الأربعينات و الخمسينات و التمسك بالعادات و التقاليد
المشوار التعليمي الثاني “معهد التعليم”،،،
فتحوا معهد التعليم بعد المرحلة الابتدائية، سجلت في معهد التعليم ، و بدأ المشوار التعليمي الثاني في حياة ” المعلمة القديرة أبلة نوسه” ، و أخذت المنهج ادرسها في البيت ،من بين هيئة التدريس معلمات قديرات من فلسطين ، و هن “راهبات يطلق عليهن في المعهد ” مسه الباسطة” ، و يتميزن بمعاملة المواطنين من الديانة الإسلامية بالخلق و السلوك الحسن و الأمانة ، و هذا يدل على التعايش بين الأديان ، و ضرورة توعية الأجيال بذلك ، و تحصلت على الشهادة من معهد التعليم ، كان هناك تشجيع على التحصيل العلمي و التعلم و المعرفي و الإرتقاء بالإنسان .
ما هي أفضل مرحلة في حياتك التعليمية؟
تجربة قرقارش ، بعد مدرسة الظهرة كانت مدرسة قرقارش و تقع وسط المزارع ، و هي قريبة من بيتي ، المزارعين لا يريدون تدريس بناتهن ، و كان سيتم اغلاق المدرسة ، لا يوجد تلاميذ ، اتجهت إلى المدرسة و فتحتها و أصبحت مديرة المدرسة ، و كنت اسكن قريبة منها ، و كان من بين هيئة التدريس “المعلمة القديرة خيرية الراحل”، و جاءوا الأولاد من الحارة الطرابلسية إلى المزرعة لحمايتي في الطريق من المعاكسات ، و كان عددهم أكثر من عشرين ، و هما بمثابة أولاد لي ، كانوا يوزعون الخبز عند خروج تلاميذ الفترة الصباحية ، و الفترة المسائية لتدريس البنات ، كانت مرحلة جميلة في حياتي التعليمية ، و كان لدى ثلاثة أولاد ، و كانت هناك “أغنية مخصصة لمعلمة القديرة أبلة نوسه” .
و منظمة الأمم المتحدة تقوم أحيانا بتوزيع الملابس لتلميذات كأنهن مقيمات ، و لكنهن ليسوا مقيمات بل كانت ظروفهن صعبة ، البعض من التلميذات ليس لديهن حذاء ، أشارت بأن التلميذ أحيانا قد يكون فقير لكنه قد يكون عبقري ، و الدليل على ذلك كل التلاميذ في المدراس في مسلاته و طرابلس أصبحوا أساتذة و دكاترة من كبار العلماء في العالم العربي و على المستوى العالمي ، و لكن عندما تنازلت على “إدارة المدرسة” ، وضعت المديرة الجديدة شروط من بينها ضرورة ارتداء الحذاء و الزي المدرسي .
بعد مدرسة قرقارش بوتشيني ،،،
اشتغلت بصفة معلمة لمدة ثلاثة سنوات في مدرسة بوتشيني ، و هي كانت اقرب مدرسة لي ، و عندما طلب منى العمل في الإدارة رفضت ، كان المدير “المعلم القدير صالح بركه” ، و من بين المعلمات الرائدات بن صوفية ، بن الكيب ، بن السيالة ، كلهن سيدات من المنطقة ،أعضاء هيئة التدريس ، كانوا مسؤولين متميزون في الدولة ، و في النظام السابق استمريت في مهنة التعليم على نفس النهج متماسكة بالأخلاق .

مرحلة التقاعد
عندما أخذت التقاعد طلب ” زوجي” منى التفرغ لتربية الأولاد ، و لكن كان لدى حنين و حب لاستمرار مهنة التدريس ، و شعر ” الحاج شعبان” بذلك ، كنت أقول له عند زيارته لي ، الان الساعة التاسعة الحصة الثانية مادة الحساب ، الساعة العاشرة جرس الاستراحة ، فقال لي “الحاج شعبان” انصحك بالعودة لممارسة مهنة التدريس ، و هذا يدل على أن الإنسان عندما يصل مرحلة التقاعد ، قد يكون لديه القدرة على العطاء و يستطيع ممارسة مهنته ، مع شروق الشمس ذهبت إلى إدارة المدرسة و كنت ارتدى الفراشية ، و اخبرت “المدير” بأنني بحاجة لعودة لممارسة مهنة التدريس و البقاء مع التلاميذ ، المدير افسح لي مجال قراءة “التقرير الخاص بالمعلمة القديرة أبلة نوسه” و كان التقرير ممتاز ، و طلب عدم القول لأحد من أعضاء هيئة التدريس بهذا التقرير ، لأنه كان ممنوع منحه لمعلم فهو خاص بالمدراء و وزارة التربية و التعليم فقط ، و لكن رفض زوجي الرجوع إلى العمل .
المدرسة بالولايات المتحدة الأمريكية،،،
بعد التقاعد بقيت في البيت لتربية الأولاد ، و عند سن الجامعة ذهبوا إلى الدراسة في الولايات المتحدة الأمريكية و ذهبت لزيارتهم ، أحببت البلاد و أهلها شعبها طيبون ، دخلت ذات يوم إلى محل المواد الغذائية “السوبر ماركت ” أخذت بعض الأغراض ، و أنا واقفة شاهدتُني “خبيرة التعليم في مدرسة أمريكية” اعطتني الكارت الخاص بالمدرسة و طلبت مقابلتي ، و قالت لي “رأيت على وجهك أنك معلمة قديرة ناجحة و متميزة” ، أجابتها بأنني لا اعرف اللغة الإنجليزية بطلاقة ، أكدت على بضرورة مقابلتي ، و شجعوني اولادي ، و بعد المقابلة في المدرسة ، بدأت العمل في المدرسة بالولايات المتحدة الأمريكية “و هي مدرسة خاصة ” ، و رجعت نوسه إلى العمل ” و وجدت العمل الذي أحبها بذات الرونق و آلية العمل و التواصل مع فريق العمل بذات الوتيرة ، و أصبحت من جديد “محور المدرسة” أي تلميذ يسأل على أي شيء ، يطلب منه التوجه إلى “”Mrs Noosa ، و عندما قالت “مديرة المدرسة” بأن هناك نظام في المدرسة ، أجابتها “خبيرة المدرسة” بـأنه سيتم تغير النظام حسب نظام “المعلمة القديرة أبلة نوسه” فهي رائدة من رائدات التعليم في دولة ليبيا و العالم العربي ، و لكن نتيجة ظروف خاصة لم استمر في العمل ، و في حالة استمريت في التدريس ، كنت أتوقع بأن أصبح أكثر مكانة علميا و عمليا في الولايات المتحدة الأمريكية ، و سبب عدم المواصلة هو طلب دكتورة لديها طفلين و انجبت الطفل الثالث و تريد منى تربية أبنها و وافقت على ذلك .
عند تقديم الاستقالة تأسفت المديرة و هيئة التدريس و أقيمت لي حفلة كبيرة ، لم أكن أتوقع ذلك ، و كان هناك “تلميذ من أهل الكتاب” عمره ثلاثة سنوات ، اشترط على والدته احضار هدية غالية لي في عيد الميلاد الكريسماس ، أجابتها مديرة المدرسة بأن “Mrs Noosa” مسلمة ، أجابت والدة التلميذ بأنه هو من طلب تقديم الهدية حب في “”Mrs Noosa ، و عندما قدم لي الهدية فرحت بها و قبلت الهدية ، فنحن نشجع التعايش بين الأديان ، و الحوار بين الثقافات ، و احترام بعضنا البعض نحن شعوب العالم .
ما هو دورك في مناسبات العهد الملكي؟
في مرحلة شبابي كنت اذهب إلى “قصر الملك” في المناسبات و الأعياد ، و أحظى باختياري باستمرار و تكرار في سجل التشريفات الملكية ، كانوا يقولون أفضل واحدة ” المعلمة القديرة نوسه” ، و كان لي شرف استقبال ” الملكة فاطمة” و الضيوف .

هل قبلت شخصيات نسائية سياسية في العالم العربي ؟
كان لي شرف مقابلة “الدكتورة السيدة جيهان السادات” زوجة “الرئيس الراحل أنور السادات ” و كنت محل الحظوة و الاحترام لدي “السيدة السادات” ، و قمت بتمثيل دولة ليبيا في جمهورية مصر العربية ، و عاشت أربع سنوات في مصر ، و يتميز الشعب المصري بالأخلاق و الترابط و الأخوة الإنسانية و الثقافة ، و كنت مشتركة في نادي مصري يشمل كل المجالات ، من أهم رواده “زوجات الوزراء” ، و لدى بطاقة اشتراك الان تساوى مبالغ كبيرة .
كلمة إلى جيل اليوم و الغد،،
أهم نصيحة المحافظة على ممارسة مهنة التدريس بأمانة و اخلاص و مثابرة ، و أتوجه بكلمة إلى هيئة التدريس في التعليم الأساسي أن يحبوا التلاميذ كأولادهم ، و على التلميذ احترام و محبة المعلمة فهي الأم و المربية الثانية.
أتمنى أن يستمروا على منهج الأخلاق و التمسك بالعادات و التقاليد ، و بناء و اعمار ليبيا ، و السعي إلى السلام و المصالحة الوطنية ، و أتمنى من معلمة الغياب عدم ترك الفصل بدون معلمة ، و يستوجب على معلمة الاحتياطي تعليم التلاميذ و منحهم المعرفة ، و أتوجه بالشكر و التقدير لكل من علمني و لكل زميلاتي في مهنة التدريس ، التعليم مسؤولية أخلاقية و علمية ، كنا أسرة واحدة مع التلاميذ ، و الان اسعى إلى حفظ القرآن الكريم و الأعمال الإنسانية .

عن الخبر ال واي

شاهد أيضاً

مهاجرون سودانيون يحملون على ظهورهم خناجر.

مهاجرون سودانيون يحملون على ظهورهم خناجر. كتب / مصعب محمد علي ليس هناك طفل  على …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *